الحمد لله.
أولًا:
مصنفات في بيان معنى لا إله إلا الله وإعرابها
لقد صنف علماؤنا القدامى كثيرًا من الرسائل في بيان معنى لا إله إلا اللّه وفي إعرابها.
ومنها:
1- "رسالة في إعراب لا إله إلا اللّه"، لابن هشام الأنصاري.
2- "رسالة في إعراب لا إله إلا اللّه"، للزركشي.
3- "رسالة في إعراب لا إله إلا الله"، وتسمى "التجريد في إعراب كلمة التوحيد" لمصنفها علي بن سلطان القاري.
4- "إنباه الأنباه على تحقيق إعراب لا إله إلا اللّه"، لمصنفها إبراهيم بن حسن الكوراني.
انظر : تحقيق رسالة ابن هشام ، للدكتور : حسن موسى الشاعر .
ثانيًا:
- (لا) نافية باتفاق النحاة ، ومعنى النفي هنا منصب على الجنس ، فـ (لا) لنفي جنس الآلهة.
- (إله) اسم (لا) منصوب ، أو: مبني معها على الفتح، فعمل (لا) في اسمها : الفتح؛ باتفاق النحويين أيضًا ، وإن اختلفوا في كونها فتحة إعرابية أم بنائية .
- وخبر (لا) ، اختلف علماء النحو فيه :
1- فقال بعضهم : أن (لا إله) مبتدأ ، و (إلا الله) خبر.
2- وقدره كثير من العلماء بـ (حق) ، فيكون المعنى (لا إله حق) ، وهو الصحيح.
وفيه أقوال أخرى .
وإذا كانت (إله) بمعنى (معبود) ، فالمعنى (لا معبود حقٌ إلا الله).
والخبر المقدر بـ (حق) مرفوع ، وعامل الرفع فيه المبتدأ المركب من (لا) و(إله) عند سيبويه.
- (إلا) أداة استثناء ، واختلفوا في تركيبها .
- (الله) جوز العلماء الرفع والنصب في الاسم المعظم في هذا التركيب، غير أن الرفع هو الراجح .
فأما الرفع فمن ستة أوجه، وهي:
1- أن خبر (لا) محذوف ، و(إلا الله) بدل من موضع (لا) مع اسمها، أو من موضع اسمها قبل دخولها .
وهذا هو الإعراب المشهور لدى المتقدمين وأكثر المتأخرين .
2- أن خبر لا محذوف ، كـما سبق ، والإبدال من الضمـير المستكن فيه .
وهـذا الإعراب اختاره جماعة .
3- أن الخبر محذوف أيضًا، و(إلا اللّه) صفة لـ (إله) على الموضع ، أي موضع (لا) مع اسمها ، أو موضع اسمها قبل دخول (لا) .
4- أن يكون الاستثناء مفرغًا، و(إله) اسم (لا) بني معها، و(إلا اللّه) الخبر .
وهذا الإعراب منقول عن أبي علي الشَّلَوْبِين ، ونقله ابن عمرون عن الزمخشري.
5- أن (لا إله) في موضع الخبر ، و(إلا اللّه) في موضع المبتدأ.
وهذا الإعراب منسوب للزمخشري.
6- أن تكـون (لا) مبنية مع اسمهـا ، و(إلا الله) مرفوع بـ (إلـه) ارتفاع الاسم بالصفة ، واستغني بالمرفوع عن الخبر ، كـما في مسألة : ما مضروبٌ الزّيدان ، وما قائِمٌ العَمْران.
وأما نصب ما بعد (إلا) فمن وجهـين:
1- أن يكون على الاستثناء ، إذا قدر الخبر محذوفًا، أي لا إله في الوجود إلا اللّه عز وجل .
2- أن يكون الخبر محذوفًا، كـما سبق ، و(إلا اللّه) صفة لاسم (لا) على اللفظ ، أو على الموضع بعد دخول (لا) لأن موضعه النصب.
ثالثًا :
- القولان المعتبران عند المعربين : القول بالبدلية والقول بالخبرية .
- وعلى إعراب اسم الجلالة (الله) خبرًا ، يجعل الاستثناء مفرغًا ، فتكون "إلا" موجودة بمعناها فقط، ولا تأثير لها إعرابيًا ، أي لا تعمل شيئا ولا تمنع غيرها من العمل .
- القول باعتبار (إلا) بمعنى (غير) أي : ليست أداة استثناء ، والتقدير على هذا : (لا إله غير الله في الوجود) أو (لا إله غير الله معبود بحق).
وهذا القول له وجهان :
الأول : من جهة الإعراب .
ولا اعتراض على هذا الرأي من جهة الصناعة النحوية .... فـ (إلا) بمعنى (غير) واقع في اللغة ، والإتباع على المحل مسلك معتبر عند النحاة .
الثاني : من جهة المعنى ، فالصحيح أنه قول ضعيف .
ووجه ضعفه :
أن المقصود من الكلمة الطيبة أمران:
1- نفي الألوهية عن غير الله تعالى.
2- إثبات الألوهية لله .
ولا تستقيم عقيدة التوحيد إلا بملاحظة الأمرين ، فالاقتصار على الأول لا يثبت الألوهية لله تعالى ، والاقتصار على الثاني لا ينفي الألوهية عن غيره.
وإعراب (إلا الله) صفة - كما مر - يجعل التركيب دالًا على الأمر الأول فقط ، فيكون الناطق به قد وقف عند حدود النفي ولم يثبت شيئًا بعد ذلك.
انظر :
"إعراب القرآن وبيانه" لدرويش (1/222).
والله أعلم
تعليق