الحمد لله.
أولا:
نحمد الله الذي هداك ونجاك، ونسأله لك الثبات والعون والسداد.
واعلم أن الوضوء إن كان مع كشف القدمين لم يصح إلا بغسلهما، وإن كان مع لبس الخف أو الجورب الصفيق أجزأ المسح عليهما.
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (1/ 417) : " أما حكم المسألة: فقد أجمع المسلمون على وجوب غسل الرجلين، ولم يخالف في ذلك من يُعتد به. كذا ذكره الشيخ أبو حامد وغيره.
وقالت الشيعة : الواجب مسحهما ، وحكى أصحابنا عن محمد بن جرير أنه مخير بين غسلهما ومسحهما ، وحكاه الخطابي عن الجبائي المعتزلي، وأوجب بعض أهل الظاهر الغسل والمسح جميعا" انتهى.
وانظر الأدلة على ذلك في جواب السؤال رقم: (316320)، وفيه : أن القول بالمسح قول شاذ لا يفتى به.
وعليه، فاجتهد أن تتوضأ بعيدا عن أعينهم، ولو أن تغلق على نفسك باب الحمام كأنك تقضي حاجتك، ثم تتوضأ.
فإن ضاق الأمر وخشيت أن يُفتضح أمرك فيلحقك الضرر، فإن أمكنك أن تلبس شيئا في قدمك، فتمسح عليه، وكان ذلك ينجيك من التفاتهم إليك، ويؤمنك من خوف الضرر، فافعل.
وإلا؛ فنرى أن تمسح على قدميك، وتتيمم؛ كحال من لا يمكنه غسل عضو من أعضاء وضوئه لجرح مكشوف، فإنه يتيمم مع غسل أعضائه الصحيحة.
والتيمم ضربة واحدة تمسح بها وجهك ثم كفيك، ويصح التيمم على أي جدار أو أرض عليها تراب أو غبار.
فإن شق ذلك فاكتف بالمسح على قدميك، اتباعا لهذا القول المروي عن بعض السلف، فقد ذهب إليه الحسن البصري وعكرمة والشعبي، وأنت الآن في موضع ضرورة إلى أن يفرج الله عنك.
وينظر: "موسوعة أحكام الطهارة"، للشيخ أبو عمر الدبيان (10/ 549)
ثانيا:
أما وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة فسنة، فلا يضرك لو تركتها وسدلت يديك.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (1/ 341): "أما وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، فمن سنتها في قول كثير من أهل العلم، يروى ذلك عن علي، وأبي هريرة، والنخعي، وأبي مجلز، وسعيد بن جبير، والثوري، والشافعي وأصحاب الرأي، وحكاه ابن المنذر عن مالك.
وظاهر مذهبه الذي عليه أصحابه [أي مالك]: إرسال اليدين، وروي ذلك عن ابن الزبير، والحسن.
ولنا: ما روى قبيصة بن هلب، عن أبيه، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤمنا فيأخذ شماله بيمينه ، رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.
وعليه العمل عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والتابعين، ومن بعدهم.
وعن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة. قال أبو حازم: لا أعلمه إلا ينمي ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. رواه البخاري.
وعن ابن مسعود، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر به وهو واضع شماله على يمينه فأخذ يمينه فوضعها على شماله رواه أبو داود. ورواهما الأثرم. وفي (المسند) ، عن غطيف، قال: ما نسيت من الأشياء فلم أنس أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واضعا يمينه على شماله في الصلاة .
ويستحب أن يضعها على كوعه، وما يقاربه؛ لما روى وائل بن حجر، أنه وصف صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال في وصفه: ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد" انتهى.
ثالثا:
لا تصح الصلاة خلف من يستغيث بغير الله، أو يكفر أبابكر وعمر رضي الله عنهما، أو يطعن في عرض عائشة رضي الله عنها، أو يعتقد تحريف القرآن، أو يقول بالرجعة أو البداء؛ لأن هذه أمور مكفرة.
فإما أن تصلي في بيتك أو في مسجدهم وحدك، أو إماما لهم، فإن ابتليت بتقدم أحدهم، فإنك تصلي خلفه بنية الانفراد، فلا تأتم به، ولكن تصلي منفردا، وتوافقه في الأفعال، في الركوع والسجود والسلام.
قال ابن قدامة رحمه الله: "وإذا أقيمت الصلاة والإنسان في المسجد، والإمام ممن لا يصلح للإمامة، فإن شاء صلى خلفه، وأعاد.
وإن نوى الصلاة وحده، ووافق الإمام في الركوع والسجود والقيام والقعود، فصلاته صحيحة؛ لأنه أتى بأفعال الصلاة وشروطها على الكمال، فلا تفسد بموافقته غيره في الأفعال، كما لو لم يقصد الموافقة.
وروي عن أحمد أنه يعيد. قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: الرجل يكون في المسجد، فتقام الصلاة، ويكون الرجل الذي يصلي بهم لا يرى الصلاة خلفه، ويكره الخروج من المسجد بعد النداء؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف يصنع؟
قال: إن خرج كان في ذلك شُنعة، ولكن يصلي معه، ويعيد، وإن شاء أن يصلي بصلاته، ويكون يصلي لنفسه، ثم يكبر لنفسه ويركع لنفسه، ويسجد لنفسه، ولا يبالي أن يكون سجوده مع سجوده، وتكبيره مع تكبيره.
قلت: فإن فعل هذا لنفسه أيعيد؟ قال: نعم.
قلت: فكيف يعيد، وقد جاء أن الصلاة هي الأولى، وحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: اجعلوا صلاتكم معهم سبحة ؟
قال: إنما ذاك إذا صلى وحده، فنوى الفرض، أما إذا صلى معه وهو ينوي أن لا يعتد بها، فليس هذا مثل هذا.
فقد نص على الإعادة، ولكن تعليله إفسادها بكونه نوى أن لا يعتد بها، يدل على صحتها وإجزائها إذا نوى الاعتداد بها، وهو الصحيح لما ذكرنا أولا " انتهى من المغني (2/ 142).
وقد بان بذلك أن أمر الصلاة سهل، وفيه مخرج، وأما الوضوء فنسأل الله أن يعينك على فعله صحيحا دون ضرر عليك، وقد ذكرنا ما تفعله عند الاضطرار.
والله أعلم.
تعليق