الحمد لله.
أولا:
حكم الإجهاض بعد أربعة أشهر
إذا كان الإجهاض بعد أربعة أشهر فهو قتل للنفس، وفيه الدية والكفارة؛ لما روى البخاري (6910)، ومسلم (1681) عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " اقْتَتَلَتْ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَضَى أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا: غُرَّةٌ: عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ، وَقَضَى أَنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا " .
فالدية هنا: غُرّة، عبد أو أمة، فإن لم توجد، فديته خَمسٌ من الإبل، لأن دية الجنين عشر دية أمه، ومعلوم أن دية الحرة المسلمة خمسون من الإبل، فتكون دية الجنين خمساً من الإبل.
كفارة القتل
وأما الكفارة، فقد ذهب إلى وجوبها الشافعية والحنابلة.
وكفارة القتل: عتق رقبة، فإن لم توجد فصيام شهرين متتابعين.
قال ابن قدامة رحمه الله: " وإذا شربت الحامل دواء، فألقت به جنينا، فعليها غرة، لا ترث منها شيئا، وتعتق رقبة، ليس في هذه الجملة اختلاف بين أهل العلم نعلمه، إلا ما كان من قول من لم يوجب عتق الرقبة، وذلك لأنها أسقطت الجنين بفعلها وجنايتها، فلزمها ضمانه بالغرة، كما لو جنى عليه غيرها ، ولا ترث من الغرة شيئا؛ لأن القاتل لا يرث المقتول، وتكون الغرة لسائر ورثته، وعليها عتق رقبة." انتهى من "المغني" (8/ 327).
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "عمن شربت دواءً عمداً لإسقاط جنين فسقط لثلاثة أشهر فماذا عليها؟
فأجاب: ليس عليها دية ولا كفارة، لأنه لم تنفخ فيه الروح. أما إن أتمَّ أربعة أشهر، ففعلته عمداً، فعليها الدية، غرة، والكفارة، صيام شهرين متتابعين. والغرة: عبد أو أمة، قيمة كل منهما خمس من الإبل. ومن لم يستطع الصيام، فالصحيح أن ليس عليه إطعام لأن الله لم يذكره في الآية." انتهى من ثمرات التدوين، ص 126
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: عن امرأة تعمدت إسقاط الجنين، وقد بلغ أربعة أشهر، فماذا تفعل وما هي كفارتها؟
فأجابوا: "يجب على المرأة التي تعمدت قتل الجنين التوبة إلى الله عز وجل والاستغفار، عسى الله أن يغفر لها، وعليها الدية وهي: غرة: عبد أو أمة، قيمتها عشر دية الأم: (خمس من الإبل) وقيمتها بالدية الحالية: خمسة آلاف ريال." انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (21/ 255).
وهذا التقدير من اللجنة بخمسة آلاف ريال كان قديما، ثم أعادت اللجنة النظر في مقدار الدية بناء على ارتفاع أثمان الإبل، فجعلوها 300 ألف ريال للرجل، و 150 ألفا للمرأة، فتكون دية الجنين على هذا التقدير 15 ألف ريال.
ثانيا:
ضمان الطبيب لأضرار أخطائه
الضمان هنا على الطبيب وعليك؛ لاشتراككما في مباشرة إسقاط الجنين، فتشتركان في الدية، فيكون على كل واحد منكما نصفها، وأما الكفارة فلا اشتراك فيها، فتلزم كل واحد منكما، فعليك أن تصومي شهرين متتابعين.
والدية إن سامح فيها ورثة الجنين، سقطت. وأما أختك فإنها تأثم بإعانتك، لكن لا دية ولا كفارة عليها، لأنها لم تباشر الجريمة.
ونسأل الله أن يتقبل توبتكما ويغفر ذنبكما.
والله أعلم.
تعليق