الحمد لله.
أولا:
ما حكم إسلام من ولد مجنوناً؟
من ولد مجنونا واستمر على ذلك حتى مات، فإن كان أبواه أو أحدهما مسلما، فإنه يكون تبعا لأبويه في الجنة.
وإن كان لأبوين كافرين؛ فالصحيح أنه يمتحن يوم القيامة، فإن نجا، دخل الجنة؛ لما روى الإمام أحمد رحمه الله في "مسنده" (16301) عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَرْبَعَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ أَصَمُّ لَا يَسْمَعُ شَيْئًا، وَرَجُلٌ أَحْمَقُ، وَرَجُلٌ هَرَمٌ، وَرَجُلٌ مَاتَ فِي فَتْرَةٍ، فَأَمَّا الْأَصَمُّ فَيَقُولُ: رَبِّ، لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَسْمَعُ شَيْئًا، وَأَمَّا الْأَحْمَقُ فَيَقُولُ: رَبِّ، لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَالصِّبْيَانُ يَحْذِفُونِي بِالْبَعْرِ، وَأَمَّا الْهَرِمُ فَيَقُولُ: رَبِّ، لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَعْقِلُ شَيْئًا، وَأَمَّا الَّذِي مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ فَيَقُولُ: رَبِّ، مَا أَتَانِي لَكَ رَسُولٌ، فَيَأْخُذُ مَوَاثِيقَهُمْ لَيُطِيعُنَّهُ، فَيُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنْ ادْخُلُوا النَّارَ، قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ دَخَلُوهَا لَكَانَتْ عَلَيْهِمْ بَرْدًا وَسَلَامًا .
وحسنه محققو المسند، وصححه الألباني في "الصحيحة" (1434) وله شواهد متعددة، ذكرها ابن كثير في تفسيره (5/ 50 - 53).
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (3/ 246):
"وقد صحت مسألة الامتحان في حق المجنون ومن مات في الفترة من طرق صحيحة. وحكى البيهقي في كتاب الاعتقاد أنه المذهب الصحيح. وتُعقّب بأن الآخرة ليست دار تكليف، فلا عمل فيها ولا ابتلاء.
وأجيب: بأن ذلك بعد أن يقع الاستقرار في الجنة أو النار، وأما في عرصات القيامة فلا مانع من ذلك، وقد قال تعالى: (يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون). وفي الصحيحين أن الناس يؤمرون بالسجود، فيصير ظهر المنافق طبقا، فلا يستطيع أن يسجد" انتهى.
ثانيا:
حكم من ارتد عن الإسلام ثم أصابه الجنون
من كفر بالله وارتد عن الإسلام، ثم جُن حال كفره وردته، فإنه يكون كافرا، فإن مات على ذلك كان في النار مع الكافرين، ولا يُمتحن.
وعكسه: من كان مؤمنا ثم جُن، فإنه يكون مع المؤمنين، فإن مات على ذلك كان في الجنة، ولا يمتحن.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " من كان يهوديا أو نصرانيا، ثم جُن، وأسلم بعد جنونه: لم يصح إسلامه، لا باطنا ولا ظاهرا.
ومن كان قد آمن، ثم كفر، وجن بعد ذلك: فحكمه حكم الكفار.
ومن كان مؤمنا، ثم جن بعد ذلك: أثيب على إيمانه الذي كان في حال عقله" انتهى من مجموع الفتاوى (10/ 436).
وينبغي أن يُعلم أن الحكم على مسلم بالردة ليس بالأمر الهين، فإن التكفير له شروط لابد من تحققها، وموانع لابد من انتفائها.
وينظر: جواب السؤال رقم (85102) .
ثالثا:
حكم المجنون إذا رجع له عقله فتاب وأسلم
إذا أفاق هذا المجنون، فعقل التوبة، فتاب وأسلم؛ فإن التوبة تجب ما قبلها، والإسلام يهدم ما كان قبله.
ولهذا ينبغي تعهُدُ هذا الرجل، واغتنام لحظة إفاقته ليتوب إلى الله تعالى.
نسأل الله أن يوفقه لذلك، وأن يتقبل توبته.
والله أعلم.
تعليق