الحمد لله.
لا مانع أن يقول الإنسان لمن يحبه في الله " أنت خليلي " ، وقد قال بعض الصحابة تلك الكلمة في حق النبي صلى الله عليه وسلم ، والخُلَّة هي أعلى درجات المحبة .
وأما النبي صلى الله عليه وسلم فإنه ليس له خليل ؛ لأن الله تعالى قد اتخذه خليلاً ، وهذا لا ينافي ما ذكره الصحابة من اتخاذهم له خليلاً ؛ إذ لا يشترط في الخلة أن تكون من الطرفين .
عن أبي ذر قال : سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل ؛ فإن الله تعالى قد اتَّخذني خليلاً كما اتَّخذ إبراهيم خليلاً ، ولو كنتُ متَّخذاً من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلاً ، ألا وإن مَن كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك .
رواه مسلم ( 532 ) .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت : صوم ثلاثة أيام من كل شهر ، وصلاة الضحى ، ونوم على وتر .
رواه البخاري ( 1124 ) ومسلم ( 721 ) .
قال الحافظ ابن حجر :
الخليل : الصديق الخالص ، الذي تخللت محبتُه القلبَ فصارت في خلاله أي : في باطنه , واختلف هل الخلة أرفع من المحبة أو العكس ؟ وقول أبى هريرة هذا لا يعارضه ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم " لو كنتُ متخذاً خليلاً لاتخذتُ أبا بكر " ؛ لأن الممتنع أن يتخذ هو صلى الله عليه وسلم غيره خليلاً لا العكس , ولا يقال إن المخاللة لا تتم حتى تكون من الجانبين لأنا نقول : إنما نظر الصحابي إلى أحد الجانبين فأطلق ذلك , أو لعله أراد مجرد الصحبة أو المحبة .
" فتح الباري " ( 3 / 57 ) .
وقد تكررت العبارة من أبي هريرة – رضي الله عنه – أكثر من مرة .
وقالها الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري في حقه صلى الله عليه وسلم ، كما رواه البخاري ( 1342 ) ومسلم ( 992 ) ، وفي حديث آخر عند مسلم ( 648 ) .
وتحسن الإشارة هنا إلى أنه ينبغي على الإنسان النظر قبل إطلاق هذه العبارة التي تدل على زيادة المحبة وخلوص الصداقة إلى مبنى هذه العلاقة ومقصودها وأن تكون بعيدة عن التعلقات المحرمة أو التي ليست فيما يرضى الله ، حتى لا تكون حسرة وندامة يوم القيامة و( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ) الزخرف / 67
والله أعلم .
تعليق