الحمد لله.
المنامات لا تثبت بها أحكام شرعية
من المعلوم أن المنامات لا تثبت بها أحكام شرعية، فلا توجب أمرا، ولا تحرم شيئا.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: "رؤيا غير الأنبياء لا ينبني عليها حكم شرعي." انتهى من"فتح الباري" (2 / 82).
وقال النووي رحمه الله تعالى: "لأن حالة النوم ليست حالة ضبط وتحقيق لما يسمعه الرائ." انتهى من"شرح صحيح مسلم" (1 / 115).
تبليغ نصيحة شخص ميت لشخص حي في المنام
لكن لا شك في استحباب تبليغ هذه الوصية لأبيك، لأنها تأكيد لما هو معلوم من الشرع من وجوب سلوك طريق الخير، ومجانبة طريق الشر.
فما ورد في هذه الوصية هو واجب عليكم بدونها؛ لأنه يجب على المسلم إذا رأى منكرا أن ينكره بلسانه، إذا استطاع.
عن أَبي سَعِيدٍ الخدري، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) رواه مسلم (49).
قال النووي رحمه الله تعالى:
"وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (فليغيره) فهو أمر إيجاب بإجماع الأمة وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: الكتاب والسنة وإجماع الأمة، وهو أيضا من النصيحة التي هي الدين." انتهى من" شرح صحيح مسلم " (2 / 22).
وقال ابن القطان رحمه الله تعالى:
"أجمع المسلمون أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كل من قدر عليهما". انتهى من"الإقناع في مسائل الإجماع" (2 / 306).
فمن الإحسان لوالدكم أن تتابعوه بالنصيحة، حتى ينجو من هذه المنكرات بإذن الله تعالى.
ولا بأس أن تبلغيه ما رأيت في المنام بعبارة: "اهتم بنفسك واترك عنك طريق السوء"؛ لأنها ليست من الكذب، وإنما هي بنفس معنى عبارة: "اهتم بنفسك واترك عنك هالبنات".
وعليكم أن تتلطفوا معه حتى يحصل المقصود.
وطالعي لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم: (52891).
كما عليكم أن تكثروا له من الدعاء بالهداية، فهذا نوع من أنواع البر بالوالد. وقد حث الوحي على الدعاء للوالدين. قال الله تعالى: (وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) الإسراء (24).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ: أَنَّى هَذَا؟ فَيُقَالُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ) رواه ابن ماجه (3660)، وحسّنه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (4 / 129).
والله أعلم.
تعليق