الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

كان يدير مال ابنه المريض واشترى عقارات سجلت باسم الأب فهل تدخل في تركته؟

349620

تاريخ النشر : 15-04-2023

المشاهدات : 2549

السؤال

لدي مشكلة في ارث والدي وابغي منكم اجابة دقيقة وشافية عليها لانه موضوع حساس جداً ومسبب مشكلة لدينا ..
توفي والدي سنة 2014 وامه (جدتي) لازالت حية.. ثم توفيت بعده سنة ..
والدي لديه بنتان وخمس شباب وزوجة
احد ابناءه وهو اخي ..تحصل على تعويض سنة 2007 من الدولة بسبب قضية مرضية ووالدي لم يكن يملك شيئاً الا شقتنا التي نسكن بها الى ان اتاه هذا المال واستخرج بطاقة وكيل عن ابنه المريض الذي هو اخي واصبح يدير هذا المال بالنيابة عنه وببطاقة التوكيل واصبح اي شيء يشتريه من عقار او اراضيٍ يقوم بكتابة العقد باسمه اي باسم والدي ..عندما توفي والدي ترك كل الاملاك التي هي اشتراها باموال اخي تركها باسمه ..هل تدخل هذه الاموال والعقارات ضمن التركة ؟ وهل لي امه نصيب منها أيضاً ؟ ام ان امه لاترث الا في الشقة فقط لانه اشتراها بحر ماله؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

ما تركه والدك من نقود أو شقة أو غير ذلك مما كان يملكه: فهو تركة تقسم على جميع ورثته، وهم أمه، وزوجته، وأولاده.

فلأمه السدس، ولزوجته الثمن، ولأولاده الباقي للذكر مثل حظ الأنثنين.

وإذا ماتت أمه بعد ذلك، فإن السدس مع بقية أملاكها يقسم على ورثتها الأحياء.

ثانيا:

الأموال التي صرفت لأخيك، وكان والدك يديرها بالوكالة: جميعها ملك لأخيك، لكن لو كان والدك قد احتاج شيئا لنفقته، فأخذ شيئا منها، فلا حرج عليه؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ أَوْلَادَكُمْ هِبَةٌ اللهِ لَكُمْ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ فَهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ لَكُمْ إِذَا احْتُجْتُمْ إِلَيْهَا) رواه الحاكم (2/ 284) والبيهقي (7/ 480)، والحديث صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " (2564).

وينظر: "الموسوعة الفقهية الكويتية" (45/ 202).

وشراء الأراضي والعقار لا يدخل في الحاجة، فليس لوالدك أن يأخذ من مال أخيك ليشتري عقارا أو أرضا، إلا أن يشتريها ليحفظ بذلك مال أخيك، أو أن ينوي مشاركة ولده في التجارة في المال واستثماره، مقابل أن يكون للأب الثلث أو الربع مثلا.

وإذا لم يثبت لديكم أن والدك كان يشتري ذلك لأخيك، أو أنه كان يستثمر مال شركة بينهما، وإنما استولى على المال واشترى ما اشترى لنفسه، فقد أخطأ بذلك، ويجب أن يُرد ذلك كله لأخيك، إلا إن كان الأمر احتاج عملا وجهدا من أبيك، وتقليبا واستثمارا للمال، فيقدّر له ربح المثل، على ما هو متعارف عند الناس من أن عامل المضاربة له ثلث الربح، أو نصفه مثلا، فيكون هذا نصيبه، وينتقل من بعده لورثته، ويكون الباقي لأخيك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فإنا نعلم بالاضطرار أن المال المستفاد إنما حصل بمجموع منفعة بدن العامل، ومنفعة رأس المال؛ ولهذا يرد إلى رب المال مثل رأس ماله، ويقتسمان الربح، كما أن العامل يبقى بنفسه التي هي نظير الدراهم.

وليست إضافة الربح إلى عمل بدن هذا، بأولى من إضافته إلى منفعة مال هذا.

ولهذا؛ فالمضاربة التي تروونها عن عمر: إنما حصلت بغير عقد لما أقرض أبو موسى الأشعري لابني عمر من مال بيت المال فحملاه إلى أبيهما. فطلب عمر جميع الربح لأنه رأى ذلك كالغصب، حيث أقرضهما ولم يقرض غيرهما من المسلمين، والمال مشترك، وأحد الشركاء إذا اتَّجر في المال المشترك بدون إذن الآخر، فهو كالغاصب في نصيب الشريك، وقال له ابنه عبد الله: "الضمان كان علينا، فيكون الربح لنا". فأشار عليه بعض الصحابة بأن يجعله مضاربة.

وهذه الأقوال الثلاثة في مثل هذه المسألة موجودة بين الفقهاء - وهي ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره - هل يكون ربح من اتجر بمال غيره بغير إذنه لرب المال، أو للعامل، أو لهما؟ على ثلاثة أقوال، وأحسنها وأقيسها: أن يكون مشتركا بينهما؛ كما قضى به عمر؛ لأن النماء متولد عن الأصلين" انتهى من مجموع الفتاوى (29/ 101).

وقصة عمر رواها مالك في الموطأ (1396) وفيها: " فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ جَعَلْتُهُ قِرَاضًا [ أي : مضاربة] ، فَأَخَذَ عُمَرُ رَأْسَ الْمَالِ وَنِصْفَ رِبْحِهِ، وَأَخَذَ عَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنَا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ نِصْفَ رِبْحِ الْمَالِ " قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (3/ 127): إسناده صحيح.

ثالثا:

إذا استحق والدك ربح المثل، لو كان قد تعب واستثمر المال، فإن هذا النصيب ينتقل إلى جميع ورثته ومنهم أمه وأخوك المريض.

وأما مجرد شراء هذه العقارات بمال الوالد، فهذا بمقتضى وكالته عنه، وليس ليه فيه عمل يستحق عليه ربحا، ولا جرت العادة أيضا أن يكون للأب أجرة لمجرد وكالته عن ابنه في قبض شيء من ماله، أو الشراء له به.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب