الأحد 3 ربيع الآخر 1446 - 6 اكتوبر 2024
العربية

ما حكم الصيام بنية الصيام الطبي والصيام الشرعي؟

السؤال

هناك شيء يسمى "صيام الماء"؛ حيث تشرب الماء فقط لبضعة أيام، يمكن أن يكون هذا من ثلاثة إلى عشرة أيّام أو أكثر، من المعروف أنّ له العديد من الفوائد الصحيّة، فهل يدخل هذا تحت الصيام المتواصل (الوصال) إذا كنت أنوي القيام بهذا الصيام دينياً باستمرار بشرب الماء فقط، ولا طعام للسّحور والإفطار؟ فهل هو جائز، بما أنّ حركات الأمعاء تتعطّل أثناء هذا الصيام، يوصى بعمل حقنة شرجية كلّ بضعة أيام. فهل هذا جائز؟ ليس لديّ أيّ مشكلة صحية، أريد فقط الحصول على الفوائد الصحية التي يقدمها هذا الصيام.

ملخص الجواب

1. لا حرج في الصيام تعبداً لله تعالى ويجمع مع ذلك نية الحصول على فوائد الصيام الصحية، لكن على الصائم أن يجعل العبادة أكبر همه، لا العكس. 2. الصيام عن الطعام والاكتفاء بالماء فقط لا يعد صوماً شرعياً ولا يعتبر من صيام الوصال المنهي عنه.  

الحمد لله.

أولا:

الجمع بين نية الثواب في الصيام وبين تحقيق الفوائد الصحية

من صام لله تعالى، وقصد مع ذلك أيضا: الحصول على فوائد الصيام الصحية، فلا بأس بذلك؛ فقصد المنافع المباحة لا تبطل العبادة، كما أباح الله تعالى للحاج أن يتاجر ويبتغي رزق الله في رحلة حجه.

قال الله تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ * لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ  البقرة/197 - 198.

عن ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: " كَانَ ذُو المَجَازِ، وَعُكَاظٌ مَتْجَرَ النَّاسِ فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ كَأَنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ، حَتَّى نَزَلَتْ:  لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ  فِي مَوَاسِمِ الحَجِّ) رواه البخاري (1770)، وبوّب عليه بقوله: "بَابُ التِّجَارَةِ أَيَّامَ المَوْسِمِ، وَالبَيْعِ فِي أَسْوَاقِ الجَاهِلِيَّةِ".

وقد أبيح للشاب أن يصوم بنية كسر الشهوة وتخفيفها.

عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ  رواه البخاري (5066)، ومسلم (1400).

وراجعي للفائدة جواب السؤال رقم: (220996).

لكن على الصائم أن يجعل العبادة أكبر همه، لا العكس، كما سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم: (228454).

ثانيا:

ما هو صيام الوصال المنهي عنه؟

صيام الوصال المنهي عنه هو أن يتابع الصائم الصوم ليلا ونهارا عدة أيام بلا أكل ولاشرب، وبلا سحور ولا فطور. فإذا أفطر الصائم، أو تسحر ولو بماء، فقد خرج من صوم الوصال، وينظر: جواب السؤال رقم: (37757).

وإذا كان الأمر كذلك: فالصوم عن الطعام، والاكتفاء بالماء فقط: ليس صوما مشروعا أصلا، فضلا عن أن يكون من الوصال في الصوم؛ فإنه لا صوم هنا، ما دام هذا يشرب الماء. 

لكن مما ينبغي أن يتنبه له، أن الامتناع عن الطعام على هذا النحو، وإن لم يكن من الوصال، إلا أنه إذا أدّى إلى التقصير في الواجبات، كالتكاسل في أداء الصلوات الخمس أو أدى إلى التقصير في حقوق الناس التي عليه، كالتقصير في أداء الوظيفة، فيصبح هذا (الامتناع) منهيا عنه.

وإن كان لحاجة طبية راجحة، ولم يمنعه ذلك عن حق شرعي، ولا حق للخلق أرجح من مصلحته، كما فعله بعض أهل الديانة: فإنه لا يمنع منه؛ مع اعتبار ما سبق من أن ذلك ليس صوما، ولا يتقرب إلى الله بمثله، وإنما هو تطبب، وعلاج، كغيره من أنواع التداوي. 

ثالثا:

حكم الحقنة الشرجية للصائم

اختلف العلماء في حكم الحقنة الشرجية للصائم، هل تفسد الصيام أم لا؟ والراجح أنها لا تفسده، وقد سبق بيان هذا في عدة أجوبة، ينظر جواب السؤال رقم: (38023)، (37749).

وهذا الممتنع عن الطعام فقط، لا تعلق له بذلك الحكم؛ فإنه ليس صائما أصلا؛ فإن احتاج إلى الحقنة الشرجية، حاجة طبية، لم يمنع منها. 

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب