الحمد لله.
أولا:
شروط حل الذبيحة
يشترط لحل الذبيحة أن يكون الذبح في محله، فيقطع الودجين وهما الوريدان، مع الحلقوم- وهو مجرى النَّفَس-، أو مع المريء- وهو مجرى الطعام والشراب-، أو يقطع أحد الوجدين مع الحلقوم والمريء.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (9/ 316): "ولا خلاف في أن الأكمل قطع الأربعة: الحلقوم، والمريء والودجين، فالحلقوم مجرى النفس، والمريء وهو مجرى الطعام والشراب، والودجان وهما عرقان محيطان بالحلقوم؛ لأنه أسرع لخروج روح الحيوان، فيخف عليه، ويخرج من الخلاف، فيكون أولى." انتهى.
وذكر رحمه الله أن مذهب الشافعي وأحمد: اشتراط قطع الحلقوم والمريء فقط.
ومذهب مالك: اشتراط قطع الأربعة.
ومذهب أبي حنيفة: اشتراط قطع الحلقوم والمريء وأحد الودجين.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ويقطع المريء والحلقوم والودجان، والأقوى أن قطع ثلاثة من الأربعة يبيح، سواء كان فيها الحلقوم أو لم يكن؛ فإن قطع الودجين أبلغ من قطع الحلقوم، وأبلغ في إنهار الدم." انتهى من "الاختيارات" ص 468
فإن كنت قد قطعت ثلاثة من أربعة، حلت ذبيحتك، ولا يضرك لو كان الدم النازل يسيرا، أو أن الذبيحة لم تتحرك بعد الذبح.
وإذا كنت لم تقطعي إلا الوريد فقط، لم تحل ذبيحتك.
ثانيا:
كراهة الذبح بآلة غير حادة
يكره أن يذبح الإنسان بآلة كالة، لما فيه من تعذيب الحيوان، ولما روى مسلم (1955) عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: "ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ ".
قال في "كشاف القناع"(6/ 210): "(و) يكره (آلة كالة) لأنه تعذيب للحيوان." انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين، رحمه الله: "(وليحد أحدكم شفرته): اللام هنا للأمر، ويحد: يعني يجعلها حديدة سريعة القطع، والشفرة السكين.
يعني إذا أردت أن تذبح فاذبح بسكين مشحوذة أي مسنونة، بحيث يكون ذلك أقرب إلى القطع بدون ألم.
(وليُرح ذبيحته) هذا أمر زائد على شحذ الشفرة، وذلك بأن يقطع بقوة، يضع السكين على الرقبة، ثم يجرها بقوة، حتى يكون ذلك أسرع من كونه يجرها مرتين أو ثلاث، وبعض الناس يوفقه الله من مرة واحدة حتى يقطع الودجين والحلقوم والمريء؛ لأنه يأخذ السكين بقوة، وتكون السكين جيدة مشحوذة، فليسهل على الذبيحة أو المنحورة الموت." انتهى من "شرح رياض الصالحين" (3/598).
وقال أيضا: "ومن فوائد الحديث: وجوب حد الشفرة لقوله: وليحد أحدكم شفرته، وإذا قلنا بوجوب حد الشفرة، صار الذبح بشفرة ليست حادة حراماً.
ولكن هل تحل الذبيحة؟
نعم تحل، مع تحريم الفعل؛ لأنه انطبق عليها قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل.
ومن فوائد الحديث: وجوب إراحة الذبيحة لقوله: وليرح ذبيحته فيسلك أقرب الطرق لما فيه الإراحة، لأن الأصل أن إيلام الحيوان محرم، لكن أباحه الله عز وجل لمصلحة العباد، وعليه فنقتصر على قدر الضرورة في إيلامه، ونريح الذبيحة بما ذكرنا لكم من قبل؛ أن تكون الشفرة حادة، وأن يذبحها بعزيمة وقوة وسرعة." انتهى من "فتح ذي الجلال والإكرام" (6/64).
فعليك أن تستغفري الله من ذبحك بهذه السكين الكالة، وألا تعودي لمثل ذلك.
والله أعلم.
تعليق