الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

شحن له السيارة من الخارج وأعطاه مستندات الشحن فتلفت في الطريق، فضمانها على من؟

350121

تاريخ النشر : 20-03-2024

المشاهدات : 740

السؤال

‏اتفقت مع شخص على أن يستورد لي سيارة من أمريكا، ويقوم هو بإنهاء كافة الإجراءات مع البائع، ويقوم بشحنها، وتصديرها لي، على أن أستلمها في ميناء جدة الإسلامي، وتم تحديد مبلغ شراء السيارة شاملا رسوم الشحن والعمولة من قبل هذا الشخص، وقمت بتحويل المبلغ كاملا في حسابه، وقام بتزويدي بسند قبض ثمن السيارة من معرضه، موضحا فيه القيمة الإجمالية، ويتبقى علي دفع رسوم الجمارك والقيمة المضافة هنا في السعودية بعد وصول السيارة، وقام بالفعل بشحن السيارة، وتم تحديد موعد الوصول إلى الميناء، إلا إنه أبلغني قبل موعد الوصول المحدد أن الباخره تعرضت لعطل، وهي لاتزال على السواحل الأمريكية، وقمت بالتقصي عن الموضوع، وتبين لي أن الباخرة تعرضت لحادث غرق، وليس عطلا، وإنه من الصعب استخراج السيارات التي بداخل الباخرة، وأنكر الشخص علمه بحالة الغرق، وقام بتزويدي ببوليصة الشحن ليأكد لي أنه قام بشحنها، فهل يجوز لي مقاضاة هذا الشخص؟ وهل يعتبر هذا الشخص بائع أم وسيط ؟ وهل يضمن السلعة شرعا؟ حيث إن سند القبض الصادر من المعرض مكتوب فيه عبارة "وذلك عن شراء سياره كذا وكذا"؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

كون العقد بينك وبين هذا الشخص وكالة أو بيعا: هذا بحسب الاتفاق الذي بينكما، فيجوز أن يكون وكيلا لك، ويجوز أن يكون بائعا، لكن يشترط في حالة البيع أن يملك السيارة قبل بيعها عليك.

والظاهر من سؤالك أنه وسيط، أي وكيل، والوكيل مؤتمن؛ فلا يضمن، سواء كان متبرعا أو وكيلا بأجرة.

قال في "كشاف القناع" (3/ 484): " (والوكيل: أمين؛ لا ضمان عليه فيما تلف في يده من ثمن ومثمن وغيرهما، بغير تفريط ولا تعد)؛ لأنه نائب المالك في اليد والتصرف، فكان الهلاك في يده كالهلاك في يد المالك؛ كالمودَع. (سواء كان) بجُعْل [أي : أجرة] (أم لا) " انتهى.

وفي "الموسوعة الفقهية" (45/ 86): " اتفق الفقهاء على أن الوكيل أمين على ما تحت يده من أموال لموكله، فهي بمنزلة الوديعة.

وعلى ذلك: فلا ضمان على الوكيل لما يهلك منها؛ إلا إذا تعدى أو فرط.

ولا فرق في ذلك بين ما إذا كان يعمل بالأجر، أو كان متبرعا بالعمل، لأن الوكيل نائب الموكل - المالك - في اليد والتصرف؛ فكان الهلاك في يده كالهلاك في يد المالك - الموكل -. ولأن الوكالة عقد إرفاق ومعونة، وفي تعلق الضمان بها ما يخرجها عن مقصود الإرفاق والمعونة فيها" انتهى.

ثانيا:

إذا كان الاتفاق على أنه يشتري لنفسه، ثم يبيع لك، فإن ضمان السيارة هل يكون عليه أو عليك؟

في ذلك تفصيل، والأصل أن المشتري إذا لم يتمكن من القبض فلا ضمان عليه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وكذلك المبيع إذا تلف قبل التمكن من قبضه؛ مثل أن يشتري قفيزاً من صُبرة، فتتلف الصبرة قبل القبض والتمييز، كان ذلك من ضمان البائع؛ بلا نزاع " انتهى من "مجموع الفتاوى" (30/ 238).

لكن إذا استلم المشتري مستندات الشحن، فهل يحصل القبض للسلعة بذلك، ويكون الضمان عليه؟

ذهب إلى هذا بعض المعاصرين، وبه أخذت المعايير الشرعية، كما في معيار المرابحة ومعيار القبض. ينظر: "المعايير" ص 113، 308

والصواب التفصيل، "فمستندات الشحن إنما تعبر قبضا، إذا كان البيع بشرط التسليم في بلد القيام (بلد التصدير)، لا في ميناء الوصول.

وذلك أن أهم صور الشحن صورتان:

1-البيع مع شرط التسليم في ميناء الوصول:

وهذا الشرط يعني أن البائع ملزم بشحن البضاعة على السفينة التي يتفق عليها الطرفان، أو في الموعد الذي يتفقان عليه، على أي سفينة يختارها البائع، ولا يتم تسليم البضاعة إلاَّ بعد وصول السفينة إلى الميناء المعنية.

ويترتب على هذا الشرط: أن البضاعة تكون في ضمان البائع إلى أن يتسلمها المشتري، فإذا هلكت في الطريق، هلكت على البائع، ولا تدخل في ضمان المشتري إلا بعد وصول السفينة إلى الميناء، وتسلّمه البضاعة تسلماً حقيقياً، أو حكميّاً؛ بأن يكون متمكناً من التسلم، ولو لم يتسلم بالفعل...

2-البيع مع شرط التسليم في ميناء القيام:

وفي هذه الصورة من البيع: يتم تسليم البضاعة للمشتري أو وكيله، بعد أن ينقلها البائع إلى الميناء، ويشحنها على السفينة التي يعينها المشتري، وعلى المشتري أو وكيله إبرام عقد النقل مع السفينة ودفع المصاريف، وقد يتولى البائع إبرام عقد النقل بتوكيل من المشتري لحسابه، أو باتفاق في عقد البيع على أن يبرم البائع عقد النقل على السفينة التي يعينها المشترى، ويدفع جميع المصاريف التي تكون جزءاً من ثمن الشراء.

وفي جميع هذه الحالات يكون المشتري متسلماً للبضاعة في ميناء القيام، وتدخل في ضمانه، ويتحمل تبعة هلاكها في الطريق " انتهى من "معيار المرابحة" د. محمد بن محمود الخضير.

وإنما ذكرنا هذا للفائدة، وإلا فالظاهر أن صاحبك وكيل لك، وليس بائعا.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب