الحمد لله.
لا يجوز لموظف الشركة أن يشترط لنفسه شيئا لإتمام التعاقد دون علم شركته؛ لأن ذلك رشوة محرمة.
روى أحمد (6791)، وأبو داود (3580) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: "لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي" والحديث صححه الألباني في "إرواء الغليل" (2621). وعند أحمد: (والرائش) وهو الذي يتوسط بينهما.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (23/ 568) ما نصه: " أنا صاحب شركة بناء، ولي صديق مدير في مؤسسة طباعة الكتب والكراريس المدرسية، وبحكم علاقته مع مسئولين في وزارة التعليم والمعارف، يستطيع الحصول على مشاريع في البناء لصالح الوزارة، وبحكم علاقتي به: فإنه يعرض عليّ العملَ في شكل عقد مضاربة أو قراض، فمنه المشروع وعلي العمل، إلا أن الإشكال في المسألة أن صاحبي لا يتحصل على المشروع إلا إذا دفع شيئا من المال حتى يكون المشروع من نصيبه، علما أنه لا ينافسه في أخذ المشروع أحد، ومن جهتي أنا كصاحب شركة إذا لم أتعامل معه أو مع غيره بهذه الطريقة فإن أعمالي وأشغالي ستتعطل. أفتوني في هذه المسألة جزاكم الله كل خير؟
الجواب: " ما يعمله هذا الشخص الذي ذكرته هو من قبيل الرشوة المحرمة، والملعون من فعلها أو أعان عليها، فعليك بمناصحته ليترك هذا العمل، ولا يجوز لك قبول المقاولة على ما يحصل عليه من أعمال في مقابل هذه الرشوة؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان، وأكل المال بالباطل.
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.
وسئل الشيخ هاني بن عبدالله الجبير القاضي بمحكمة مكة المكرمة :
" أعمل مقاولاً، وأواجه مشكلة مع أغلب الشركات التي أزورها للتعامل معها، فالموظف المخوّل بالاتفاق مع المقاولين يطلب مبلغاً مالياً مقابل إعطائي العمل، فإن رفضت ذلك الأمر يأبى أن يتعامل معي، ويبحث عن مقاول غيري يدفع له، والمشكلة -كما أسلفت- أنها مع أغلب الشركات، فهل إن دفعت له يكون ذلك رشوة؟
فأجاب : الحمد لله وحده، وبعد:
فلا يجوز دفع هذا المبلغ للموظف المذكور وأمثاله؛ لأنه رشوة ملعون فاعلها، فعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الراشي والمرتشي. أخرجه أبو داود (3580)، والترمذي (1337)، وابن ماجه (2313) بسند صحيح.
وهو من السحت في قوله تعالى: "أكَّالون للسحت" [المائدة: 42]، قال ابن مسعود: السحت هو الرشوة، ومن أكل المال بالباطل، قال تعالى: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون" [البقرة: 188].
والحقيقة أنّه كما قال الأخ السائل إن كثيراً من المصالح لا يتحصل عليها الأكفاء بسبب تعاطي بعض الناس للرشوة، وهذا من المصائب التي يخشى المسلم من عواقبها على المجتمع لآثارها الضارّة.
فكل من دفع شيئاً لغيره ليحمله على ما يريد -سواء كان موظفاً عاماً- أو خاصاً أو تاجراً أو غيره لقصد تحقيق غرض- فهو راش مستحق للوعيد.
وورد في الحديث: "الراشي والمرتشي في النار" قال المنذري: رواه الطبراني [المعجم الأوسط (2026)] ورواته ثقات.
وأبشر السائل أنه إن لزم جادَّة الصواب، وامتنع عن دفع الرشوة، فإنَّ الله سيخلف عليه بالعوض الطيب في الدنيا والآخرة، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
وفقّ الله الجميع لما يحبّه ويرضاه، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى من "موقع الإسلام اليوم".
وعلى ذلك؛ فلا يجوز أن تدفع شيئا لهذا الموظف، ولك أن ترفع أمره إلى صاحب الشركة ليكف شره.
والله أعلم.
تعليق