الحمد لله.
وصية الأب لبناته بسكنى البيت إلى وفاتهن، هو وصية لوارث، والوصية للوارث محرمة؛ لما روى أبو داود (2870)، والترمذي(2120)، والنسائي (4641)، وابن ماجه (2713)، عن أَبي أُمَامَةَ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود".
قال في "شرح منتهى الإرادات" (2/456): " (وتحرم) الوصية (ممن يرثه ، غير زوج أو) غير (زوجة ، بزائد على الثلث لأجنبي، ولوارث بشيء) نصا [أي : نص عليه الإمام أحمد] ، سواء كانت في صحته أو مرضه.
أما تحريم الوصية لغير وارث بزائد على الثلث : فلقوله صلى الله عليه وسلم لسعد حين قال: أوصي بمالي كله؟ قال: لا. قال فالشطر؟ قال لا. قال: فالثلث. قال: الثلث والثلث كثير» الحديث " متفق عليه.
وأما تحريمها للوارث بشيء فلحديث : إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث " رواه الخمسة إلا النسائي من حديث عمرو بن خارجة وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي أمامة الباهلي" انتهى.
ثم إن الوصية لا عبرة فيها بموافقة الورثة أو إجازتهم لها في حياة الموصي، بل العبرة بموافقتهم بعد موته، لأن الوصية تمليك بعد الموت.
وهذا بخلاف الهبة ، لو حصل فيها تفضيل ؛ فإن موافقة بقية الأولاد في حياة والدهم معتبرة.
قال ابن قدامة في "عمدة الفقه"، ص71: " وتفارق العطية الوصية في أحكام أربعة...
الثاني: أن العطية يعتبر قبولها وردها حين وجودها كعطية الصحيح، والوصية لا يعتبر قبولها ولا ردها إلا بعد موت الموصي" انتهى.
والمخرج لمن خاف على بناته بعد وفاته : أن يقسم ماله على أولاده في حياته ، ويجعل البيت نصيب البنات، ويسترضي الذكور لو كان البيت أزيد من نصيبهن، أو يعوضهن من مال آخر.
وهذا التقسيم من باب الهبة، ويلزم فيها أمران:
1-العدل بين الأولاد، وذلك بإعطاء الذكر ضعف الأنثى-إلا برضى المفضول-.
2-تمليك الموهوب بحيث يتصرف في العين تصرف الملاك.
قال في "الإنصاف" (7/142): "لا يكره للحي قسم ماله بين أولاده، على الصحيح من المذهب" انتهى.
وفي "منار السبيل" (2/29): " يباح للإنسان أن يقسم ماله بين ورثته في حال حياته على فرائض الله عز وجل، لعدم الجور فيها" انتهى.
والله أعلم.
تعليق