الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

هل يقال للأطفال : الكذاب بيروح النار، ويشدوه زي الحمار؟

352792

تاريخ النشر : 07-09-2022

المشاهدات : 6645

السؤال

بناتي؛ الأولى عندها 4 سنوات، والثانية عندها 7 سنوات، عندما يشاهدون أحدا يكذب يغنون، ويقولون هذه الكلمات : "الكذاب بيروح النار، ويشدوه زي الحمار". فما حكم هذه الكلمات؟ وهل أنهاهم عن هذه الكلمات؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

لا شك أن الكذب كبيرة من أعظم الكبائر، وشرها:

فعن عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ) رواه البخاري (34)، ومسلم (58).

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى البِرِّ، وَإِنَّ البِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا. وَإِنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ، وَإِنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا) رواه البخاري (6094)، ومسلم (2607).

وفي حديث سمرة بن جندب، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَاتَ غَدَاةٍ: ( إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي، وَإِنَّهُمَا قَالَا لِي انْطَلِقْ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا ...)

ثم قال في الحديث، في جملة ما رأى مع الملكين: (فَانْطَلَقْنَا؛ فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ، فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ .. ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الْأَوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الْجَانِبُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ، فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الْأُولَى!!

قَالَ: قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ؟ قَالَ قَالَا لِي: انْطَلِقْ، انْطَلِقْ ..).

ثم في آخر الحديث أول الملكين للنبي صلى الله عليه وسلم ما رأى، وفيه:

(وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ تَبْلُغُ الْآفَاقَ)رواه البخاري (7047).

وكذلك ثبت أنّ النار قد أعدت فيها السلاسل والأنكال، يقاد بها أصحابها.

قال الله تعالى: (إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا، وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا) المزمل/12–13.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

"(إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا) وهي: القيود. قاله ابن عباس، وعكرمة، وطاوس، ومحمد بن كعب، وعبد الله بن بريدة، وأبو عمران الجوني، وأبو مجلز، والضحاك، وحماد بن أبي سلمان، وقتادة والسدي، وابن المبارك والثوري، وغير واحد" انتهى من "تفسير ابن كثير"(8/256).

وقال الله تعالى: (الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ، إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ، فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) غافر/72.

ومما وصف به الكذبة في الدنيا والآخرة، أنهم شبه الحمير.

كما في قوله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) الجمعة/5.

وورد أن من يكذب من هذه الأمة بمخالفة قوله لفعله؛ سيكون في النار شبيها في تصرفاته بالحمار.

عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، قال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: (يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِي النَّارِ، فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ: أَيْ فُلاَنُ مَا شَأْنُكَ؟ أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنِ المُنْكَرِ؟ قَالَ: كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ آتِيهِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ المُنْكَرِ وَآتِيهِ) رواه البخاري (3267)، ومسلم (2989).

فالحاصل؛ أن هذه العبارة : لها ما يشهد لها من حيث العموم، ولا يظهر لنا حرج في إطلاق ذلك القول، وليس فيها ما يستنكر. بل فيها تنفير عن الكذب وأهله، وتربية الأطفال على كراهة ذلك. لكن ذلك كله مقيد بعدم تعيين شخص بعينها فيها، بل يعلم الأطفال أنها تطلق هكذا لتعليم أدب الصدق ، وذم الكذب، من غير تعيير شخص بها، ولا إطلاق لها على واحد بعينه من الناس.

ولو ربى الرجل أولاده على ما جاء في ذلك من الوعيد الشرعي، وعلمهم بعض ما جاء في الكتاب والسنة من ذلك، لكان خيرا لهم، وأقوم في تربيتهم، وأدعى للجد، وأخذ الأمر على ما محمله، لا أن يكون أغنية تغنى، أو نشيدا يُنشد، ثم لا يكون وراءه شيء.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب