الحمد لله.
لا يظهر في هذه العبارة أن فيها سبًّا للدهر، وإنما فيها التصريح بكراهة الإنسان سرعة انقضاء الزمن، فلا يستطع أن ينجز أعماله التي يريد .
ومجرد الكراهية ليست سببا، فإن الإنسان يكره الموت، ويكره أن تصيبه المصائب والشدائد ولا يكون ذلك سبًّا لها.
كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ قَالَ: ... وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ) البخاري (6502).
لكن .. إذا كان مراده بذلك أن يطول الزمن حتى يزداد تمتعه بالدنيا ، فهذا مما لا ينبغي أن يكون عليه المؤمن؛ من قصر الأمل وعدم التعلق بهذه الدنيا.
قال الله تعالى:(أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ) الشعراء/205-207.
وعن مُجَاهِد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: "أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْكِبِي، فَقَالَ: (كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ).
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، يَقُولُ: "إِذَا أَمْسَيْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ "رواه البخاري (6416).
فمن كان يعدّ نفسه عابر سبيل لا يهمه سرعة مرور الدقائق، وإنما يهمه ما حصّل فيها من الأعمال الصالحة .
والعاقل إنما يكون همه في اغتنام الأوقات في الباقيات الصالحات، وسواء في ذلك قصر الزمان أم مطال، فإن ذلك الزمان الطويل، هو اجتماع للثواني، والدقائق القصيرات، والسيل إنما يكون من اجتماع النقط، وقد قال الشاعر:
لا تقولوا دقائقٌ وثوانٍ * ذاهباتٌ؛ فالعمر هذي الثواني
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم:(107615)، ورقم:(47398).
والله أعلم.
تعليق