الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

هل يلزم الأب نفقة الجامعة لابنه، وحكم إلزام الابن بدفع راتبه لأبيه بعد التخرج عملا بالتقاليد؟

355392

تاريخ النشر : 11-07-2021

المشاهدات : 14756

السؤال

أنا امرؤ عامل ، والدي يُنفِق على كلّ تعليمي بما في ذلك التخرّج. في مجتمعنا من التقاليد أنّه مهما يكسب الأبناء يسلمونه إلى الأب الذي ينفقه على الأسرة ، لقد تمّ تمويل تخرّجي من والدي. كنت أعرف التقاليد وكنت أنوي أن أتّبعها. أكملت دراستي وبعد ذلك تحوّل والديّ إلى العداء تجاهي ولا أعرف السبب وطالبوني بتسليم مرتّب وظيفتي إلى والدي قائلاً إنّ عليّ اتّباع التقاليد ، رغم أننا لم نقوم بأيّ اتفاق شفهيّ من قبل. ماذا ينبغي أن أفعل؟ هل يجب عليّ تسليم كسبي أم جزء منه؟

الحمد لله.

أولا:

هل الأب ملزم بنفقة تعليم أولاده؟

يلزم الأب النفقة على أولاده إلى البلوغ والقدرة على الكسب، ويدخل في ذلك نفقة التعليم، ويلزمه عند بعض الفقهاء-وهم الحنابلة- أن ينفق على ابنه حتى بعد البلوغ وقدرة الابن على الكسب، ما دام الابن لم يعمل فعليا، ولم يحصل مالًا ينفقه على نفسه.

قال في الإنصاف (9/ 289): "شمل قوله: :وأولاده وإن سفلوا": الأولاد الكبار الأصحاء الأقوياء إذا كانوا فقراء، وهو صحيح. وهو من مفردات المذهب" انتهى.

وينظر: المغني (9/ 258).

وقال أبو حينفة: ينفق على الغلام حتى يبلغ، فإذا بلغ صحيحا انقطعت نفقته، ولا تسقط نفقة الجارية حتى تتزوج.

ونحوه قال مالك، إلا أنه قال ينفق على النساء حتى يتزوجن ويدخل بهن الأزواج.

وتجب النفقة عند الشافعية في حال عجز الولد البالغ لزمانة أو مرض فقط، فإن كان صحيحا لم تجب نفقته.

فعلى قول جمهور الفقهاء لا يلزم الأب أن ينفق على التعليم الجامعي لابنه، لأنه يكون حينئذ بالغا.

وعلى مذهب الحنابلة تلزمه النفقة ما دام الابن فقيرا، سواء كان مريضا أو صحيحا ما دام لا يجد عملا .

ثانيا:

هل يجب على الابن أن يعطي راتبه لوالده

إذا اشتغل الابن وكسب مالا، لم يلزمه أن يعطيه لوالديه، إلا إذا كانا بحاجة للنفقة، فيلزمه أن ينفق عليهما، بقدر حاجتها، لا أن يسلمهما كل ما يكسبه.

قال ابن قدامة رحمه الله: " (ويجبر الرجل على نفقة والديه، وولده، الذكور والإناث، إذا كانوا فقراء، وكان له ما ينفق عليهم) ...

وأما الإجماع، فحكى ابن المنذر قال: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما، ولا مال، واجبة في مال الولد، وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم" انتهى من المغني (8/ 211).

لكن للأب أن يأخذ من أموال أولاده، إذا احتاج إلى ذلك، بشرط ألا يضر بهم، وألا يأخذ من أحدهم ليعطي الآخر.

والأصل في ذلك : حديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إن لي مالا وولدا، وإن والدي يجتاح مالي قال:  أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ ، إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ ، وَإِنَّ أَمْوَالَ أَوْلَادِكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ فَكُلُوهُ هَنِيئًا  .

رواه أحمد (6678) وأبو داود (3530) وابن ماجه (2292)، وله طرق وشواهد يصح بها، وينظر: " فتح الباري " (5/ 211)، و " نصب الراية " (3/ 337).

وعليه؛ فإذا لم يكن والداك فقيرين بحاجة إلى نفقة، فلا يلزمك أن تعطيهما شيئا من مالك.

ثم إذا احتاج أحدهما مالا جاز أن يأخذاه منك بالشرطين السابقين.

ولا يلزم العمل بالتقاليد التي توجب ما لا يوجبه الشرع.

والذي نوصيك به: أن تحسن إليهما وأن تبرهما، وأن تعطيهما من مالك ما لا يضرك، ويجوز أن تخفي عنهما قدر راتبك، وأن تستعمل التورية، كأن تقول : إنك تأخذ ألفا مثلا مع أنك تأخذ ألفين؛ لأنك صادق في أنك تأخذ ألفا.

ونسأل الله أن يصلح حالكم ويهدي بالكم.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب