الحمد لله.
أولا:
حكم لبس الباروكة
الأصل تحريم لبس الباروكة لما روى البخاري (5477)، ومسلم (2127) عن حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ عَامَ حَجَّ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ -وَتَنَاوَلَ قُصَّةً مِنْ شَعَرٍ كَانَتْ بِيَدِ حَرَسِيٍّ -: أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذِهِ، وَيَقُولُ: إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَ هَذِهِ نِسَاؤُهُمْ
وقد عد كثير من أهل العلم لبس الباروكة من الوصل، وقد لعن الله الواصلة والمستوصلة، كما روى البخاري (5937) ومسلم (2122) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ .
وينظر: "فتاوى اللجنة الدائمة" (5/ 191).
وذهب بعضهم إلى الترخيص في لبس الباروكة لمن سقط شعرها بالكلية.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عمن أخذت أدوية، فأدت إلى تساقط شعر رأسها، أو معظمه، ولا تريد استعمال الباروكة لأنها ترى أنها حرام، فأجاب:
"استعمال الباروكة بمثل هذا الحال الذي وصفته، حيث تساقط شعرها على وجه لا يرجى معه أن يعود، نقول: إن الباروكة في مثل هذه الحال لا بأس بها، لأنها في الحقيقة ليست لإضافة تجميل، ولكنها لإزالة عيب، وعلى هذا فلا تكون من باب الوصل الذي لعن النبي صلي الله عليه وسلم فاعله، فقد (لعن الواصلة والمستوصلة) والواصلة هي التي تصل شعرها بشيء، لكن هذه المرأة في الحقيقة لا تشبه الواصلة، لأنها لا تريد أن تضيف تجميلاً، أو زيادة إلى شعرها الذي خلقة الله تبارك وتعالى لها، وإنما تريد أن تزيل عيباً حدث، وهذا لا بأس به، لأنه من باب إزالة العيب، لا إضافة التجميل، وبين المسألتين فرق." انتهى من موقع الشيخ.
وقال رحمه الله: "فإن قال قائل: ما تقولون في امرأة صلعاء ليس في رأسها أي شعر، هل يجوز أن تستعمل الباروكة تغطية للعيب لا زيادة في الجمال أو في طول الشعر؟
فالجواب - والله أعلم -: أنه جائز، ولكن يرِد عليه قصة المرأة مع ابنتها التي قالت إنها أصيبت بالحصبة فتمزق شعرها، فسألت النبي هل تصل رأسها؟ فمنعها من ذلك.
فالجواب على هذا: أن الظاهر أن الشعْر لم يُفقد بالكلية، ولهذا هي طلبت الوصْل، وطلبُ الوصْل يدل على أن أصل الشعر موجودٌ، فإذا كان أصل الشعر موجوداً: صارت الزيادة من أجل التكميل والتحسين، أما إذا لم يكن موجوداً وكان عيباً - وأنا أريد بالصلعاء التي يكون رأسها كخدها ليس فيه شعرة أبداً، وهذا موجود لا تظن أن هذا أمرٌ فرضي، ليس فرضيّاً، بل هو أمر واقع -: فالظاهر لي أن هذا لا بأس به؛ لاختلاف القصد في الوصل الذي ورد النهي عنه، أو ورد اللعن عليه، وهذا الوصل." انتهى من "شرح صحيح البخاري" (7/ 599، 600).
ثانيا:
حكم زراعة الشعر لمن سقط شعرها
يباح لمن سقط شعرها أن تتداوى ولو بزراعة الشعر، وليس هذا من تغيير خلق الله، بل هو معالجة لرد ما خلق الله تعالى.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته الثامنة عشرة في (ماليزيا) من 24 إلى 29 جمادى الآخرة 1428 هـ، الموافق 9 - 14 تموز (يوليو) 2007 م، بشأن عمليات التجميل، في بيان ما يجوز منه: "إصلاح العيوب الطارئة (المكتسبة) من آثار الحروق والحوادث والأمراض وغيرها، مثل: زراعة الجلد وترقيعه، وإعادة تشكيل الثدي كلياً حالة استئصاله، أو جزئياً إذا كان حجمه من الكبر أو الصغر بحيث يؤدي إلى حالة مرضية، وزراعة الشعر حالة سقوطه خاصة للمرأة." انتهى.
ثالثا:
كيف تتوضأ وتغتسل من تلبس الباروكة؟
في حال لبس الباروكة، فإنك تمسحين عليها في الوضوء؛ لأن المسح فيه مبني على التخفيف، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لبد رأسه في الحج ومسح عليه، أي جعل عليه ما يشبه الصمغ، ليتماسك الشعر ولا يدخل فيه الغبار.
ويجب نزعها في الغسل؛ لوجوب إيصال الماء إلى جميع البشرة.
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم: (141074).
رابعا:
لا يجوز الظهور بالباروكة أمام الرجال؛ لأنها زينة يجب سترها، مع فيها من الفتنة.
ونسأل الله لك الشفاء والعافية.
والله أعلم.
تعليق