الحمد لله.
أولا:
لا يجوز إيداع المال في حساب استثمار أو توفير في البنك الربوي.
والاستثمار مع ضمان رأس المال، وكون العائد نسبة معلومة منه: قرض ربوي، وهو كبيرة من كبائر الذنوب، وقد توعد الله المتعامل بالربا بالحرب، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ البقرة/278 - 279.
وروى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: " لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ .
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره (3/ 241): " وأجمع المسلمون نقلا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن اشتراط الزيادة في السلف ربا، ولو كان قبضةً من علف - كما قال ابن مسعود - أو حبة واحدة" انتهى.
فالواجب عليك التوبة إلى الله تعالى من هذا الذنب العظيم، وسحب المال من البنك الربوي، أو الاكتفاء بوضعه في الحساب الجاري لغرض الحفظ.
ولا عذر لك في عدم الدخل أو في كون الزكاة ستأكل المال بعد سنوات.
ثانيا:
ما سبق وأخذت وأنفقت من الفوائد الربوية، لا يلزمك إخراج بدله.
ثالثا:
ما بقي في يدك من الربا، فيه تفصيل:
1-فما جاء قبل علمك بالتحريم، لك الانتفاع به؛ لقوله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ البقرة/ آية 275.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وأما الذي لا ريب فيه عندنا فهو: ما قبضه بتأويل أو جهل، فهنا له ما سلف، بلا ريب، كما دل عليه الكتاب والسنة والاعتبار" انتهى من "تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء" (2/ 592).
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله: " إذا كان لا يعلم أن هذا حرام، فله كل ما أخذ وليس عليه شيء، أو أنه اغتر بفتوى عالم أنه ليس بحرام فلا يخرج شيئاً، وقد قال الله تعالى: (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ" انتهى من "اللقاء الشهري" (67/ 19).
2-وما جاء بعد علمك بالتحريم : يلزمك التخلص منه بإعطائه الفقراء والمساكين.
رابعا:
تلزم الزكاة في أصل المال، إذا بلغ نصابا، وحال عليه الحول.
خامسا:
يباح استثمار المال في البنك إذا كان ذلك يتم وفق عقد مضاربة، لا يُضمن فيه رأس المال، وتكون الفائدة نسبة معلومة من الربح، وليس من رأس المال، وأن يكون مجال الاستثمار مباحا.
فهذه ثلاثة شروط للاستثمار.
وإذا كان البنك يرفع شعار الإسلام، ثم يستثمر أمواله أو جزءا منها في السندات الربوية (أذونات الخزانة) لم يجز الاستثمار فيه، كما هو الحال في البنوك الإسلامية في بلد السائلة.
ونسأل الله أن ييسر لك وسيلة آمنة مباحة لاستثمار مالك.
والله أعلم.
تعليق