الحمد لله.
إذا كانت والدتك قد اشترت الأرض لنفسها، ولم تهبها لوالدك، فهي ملكها، ولا يجوز العدوان عليها، وإذا ماتت انتقلت الأرض لورثتها، فلوالدك منها الربع، والباقي يجب إعطاؤه للورثة.
وهل يجوز لوالدك أن يأخذ نصيبك أو نصيب أحد من إخوتك-إن وُجد-؟
فاعلم أن للوالد أن يأخذ من مال ولده ، عند الحاجة ، بما لا يضره؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ رواه ابن ماجه (2291) وابن حبان في صحيحه (2/ 142)، (2292) وأحمد (6902).
وروى أحمد (6678)، وأبوداود (3530)، وابن ماجه (2292) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : " أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله، إن لي مالا وولدا، وإن والدي يجتاح مالي قال: أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ ، إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ ، وَإِنَّ أَمْوَالَ أَوْلَادِكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ ، فَكُلُوهُ هَنِيئًا وله طرق وشواهد يصح بها، وينظر: " فتح الباري"(5/ 211)، و"نصب الراية"(3/ 337).
واشترط جمهور الفقهاء لذلك شروطا:
1 - أن يحتاج إلى ذلك.
2 - ألا يضر بالولد، فلا يأخذ ما تعلقت به حاجته.
3 - ألا يأخذ منه ليعطي أخاه.
فإذا كنت محتاجا لنصيبك من الأرض، وأخذُه منك يضرك، لم يجز لوالدك أن يأخذه.
وينبغي أن توسط من يكلمه في ذلك ممن يثق بعلمه ورأيه، وأن تراعي البر والإحسان إليه –وإن ظلمك- فإنّ ظلم الأب لا يسقط بره. قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ لقمان/14، 15.
وعَنِ عبد الله بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ لَهُ وَالِدَانِ مُسْلِمَانِ، يُصْبِحُ إِلَيْهِمَا مُحْسِنًا ، إِلاَّ فَتْحَ اللهُ لَهُ بَابَيْنِ، يَعْنِي مِنَ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَوَاحِدًا ، وَإِنْ أَغْضَبَ أَحَدَهُمَا لَمْ يَرْضَ اللهُ عَنْهُ حَتَّى يَرْضَى عَنْهُ.
قِيلَ: وَإِنْ ظَلَمَاهُ؟
قَالَ: وَإِنْ ظَلَمَاهُ" رواه البخاري في "الأدب المفرد" (7).
والله أعلم.
تعليق