الحمد لله.
أولا:
تلزم طاعة الوالدين في كل مباح فيه منفعة لهما ولا مضرة فيه على الولد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وَيَلْزَمُ الْإِنْسَانَ طَاعَةُ وَالِدِيهِ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ أَحْمَدَ، وَهَذَا فِيمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهُمَا وَلَا ضَرَرَ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَضُرَّهُ وَجَبَ، وَإِلَّا فَلَا" انتهى من " الفتاوى الكبرى " (5/ 381).
وقال الحافظ ابن حجر في ضابط العقوق: " والمراد به صدور ما يتأذى به الوالد من ولده، من قول أو فعل، إلا في شرك أو معصية، ما لم يتعنت الوالد" انتهى من فتح الباري (10/ 406).
ثانيا:
الأدوية المصنعة لا تخلو من آثار جانبية تترتب عليها. وقاعدة التعامل معها هو النظر في المصالح والمفاسد، فإذا غلب نفعها ومصلحتها، احتُملت المفسدة، وإذا غلبت المفسدة، وجب اجتنابها؛ لأن من قواعد الشريعة أن "الضرر لا يزال بمثله".
وإذا تساوت المنفعة والمفسدة كان هذا محل نظر واجتهاد.
والمرجع في ذلك إلى الأطباء.
والأدوية – كما هو معلوم- لا يتم الترخيص ببيعها في الصيدليات إلا بعد الإذن لها من الجهات المختصة ، وهذا يعني أنه قد أجريت عليها التجارب التي تثبت أن منفعتها أكثر من الآثار الجانبية المترتبة عليها ، لكن قد تزيد تلك الآثار في حق بعض الأفراد ، فيأمره الطبيب بالامتناع عن هذا الدواء ، وتكون هذه حالات فردية .
وعليه؛ فيجوز تناول الأدوية مع اشتمالها على مواد كيميائية إذا كانت المصلحة هي الغالبة، وهذا هو الواقع، وكذلك تناول الأطعمة المصنعة المشتملة على السكر أو الألوان أو المواد الحافظة، لغلبة نفعها، مع وجود مفسدة فيها، لكن مفسدتها تحتمل في جانب منفعتها.
ولا نعلم أحدا من أهل العلم حرم تناول ما ذكرت، فاحذر أن تحرم ما أحل الله، وأن تقول على الله بغير علم، ولو كانت الأدوية تُترك بالكلية، لما لها من آثار جانبية؛ لوجب إلغاء أكثرها وترك الناس يعانون من الآلام والآثار المضاعفة الناتجة عن استمرار المرض واستفحاله.
والحاصل:
أنه إذا أمرك والداك بإحضار دواء كتبه لهم طبيب فبادر بإحضاره، أو أمراك بإحضار طعام مشتمل على سكر، فامتثل أمرهما؛ فإنما يأمرانك بمباح، ويتأذيان بمخالفتك لهما في ذلك.
والله أعلم.
تعليق