الحمد لله.
أولا:
دفع المهر بشيك مصرفي
لا حرج في كون المهر مالا مدفوعا بشيك، سواء كان الشيك حالا أو مؤجلا؛ لأن المهر يجوز أن يكون حالا ومؤجلا، والشيك ليس إلا وسيلة توثيق وتحصيل.
وفي "الموسوعة الفقهية" (39/166): "تعجيل المهر وتأجيله
22 - يرى الحنفية والشافعية جواز كون كل المهر معجلا أو مؤجلا، وجواز كون بعضه معجلا وبعضه مؤجلا...
ويشترط فقهاء المالكية لجواز تأجيل الصداق معلومية الأجل...
وذهب الحنابلة إلى أنه يصح جعل بعض المهر حالا، وبعضه يحل بالموت أو الفراق؛ ولا يصح تأجيل المهر إلى أجل مجهول كقدوم زيد .
وإذا سمى الصداق في العقد، وأطلق، فلم يقيد بحلول ولا تأجيل: صح؛ ويكون الصداق حالا لأن الأصل عدم الأجل.
وإن فرض الصداق مؤجلا، أو فرض بعضه مؤجلا إلى وقت معلوم، أو إلى أوقات كل جزء منه إلى وقت معلوم: صح؛ لأنه عقد معاوضة، فجاز ذلك فيه، كالثمن؛ وهو إلى أجله؛ سواء فارقها أو أبقاها، كسائر الحقوق المؤجلة.
وإن أجل الصداق أو أجل بعضه، ولم يذكر محِل الأجل: صح نصا [أي: نص عليه الإمام أحمد]؛ ومحِلُّه: الفرقة البائنة؛ فلا يحل مهر الرجعية إلا بانقضاء عدتها" انتهى.
ثانيا:
تنازل الزوجة عن المهر أو بعضه قبل قبضه
يجوز للزوجة أن تتنازل لزوجها عن مهرها أو بعضه؛ لقوله تعالى: (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا) النساء/4.
فيجوز أن تسقطه عن زوجها إذا لم تكن قبضته، أو تهبه له بعد قبضه، بشرط أن تكون بالغة رشيدة، أي تحسن التصرف في المال وليست سفيهة.
قال القرطبي في تفسيره (5/ 24): " قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً) مُخَاطَبَةٌ لِلْأَزْوَاجِ، وَيَدُلُّ بِعُمُومِهِ عَلَى أَنَّ هِبَةَ الْمَرْأَةِ صَدَاقَهَا لِزَوْجِهَا، بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا: جَائِزَةً، وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ" انتهى.
وقال ابن قدامة رحمه الله: " وإذا عفت المرأة عن صداقها الذي لها على زوجها، أو عن بعضه، أو وهبته له بعد قبضه، وهي جائزةُ الأمر في مالها: جاز ذلك، وصح، ولا نعلم فيه خلافا؛ لقول الله تعالى: إلا أن يعفون [البقرة: 237] يعني الزوجات. وقال تعالى: فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا [النساء: 4] " انتهى من "المغني"(7/255).
والحاصل :
أن تنازل الزوجة عن المبلغ المكتوب في الشيك لا حرج فيه .
والله أعلم.
تعليق