الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

هل يحق للمرأة طلب الطلاق؛ لأن زوجها يجبرها على أن تصرف من راتبها على البيت؟

364534

تاريخ النشر : 31-03-2021

المشاهدات : 6894

السؤال

أريد جوابا واضحا لحالتي: زوجي كان يجبرني أن أضع نصف راتبي كل شهر لأصرف منه على البيت، لأنه كان يهددني إن لم أضع فسوف يمنعني من الذهاب للعمل، ومع العلم أنه لم يكن ينفق علي أو على بيته، بل كان يجبرني أن أضع من راتبي نصفه، وأشتري بهم مستلزمات ومؤنة البيت، وهو لم يكن يصرف من ماله شيئا، وكان لا يعطيني نفقة منه أبدا، بل أنا أصرف على نفسي وعلى ثيابي ومواصلاتي، وأحيانا كان يأخد مني كل راتبي، ولا يبقى منه شيء لي، وأخذ مني نقوط العرس كاملا قسرا، ماذا أفعل، هل يحق لي طلب الطلاق مع أخذ كامل حقوقي؟

ملخص الجواب

النصيحة أن توسطي من يعظ زوجك، ويبين له ما يحل ويحرم من مالك، وأن تدفعي عنك فكرة الطلاق، إذا كان زوجك مستقيما يحسن عشرتك. فإن استمر في أخذ ما لا يحل له من مالك، ومنعك ما تبقى لك من مهرك، وشرطك عليه: فلك طلب الطلاق لأن هذا ظلم وسوء عشرة.

الحمد لله.

أولا:

المرأة لها ذمة مالية مستقلة

المرأة لها ذمة مالية مستقلة، بمعنى أن لها أن تتملك المال وتتصرف فيه كما تشاء، ولا يحجر عليها فيه، وليس لأحد أن يأخذ من مالها إلا برضاها، كالرجل تماما؛ لقوله تعالى:  وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا  النساء/4، وقوله صلى الله عليه وسلم:  لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ  رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1459).

وللزوج أن يمنعها من العمل مطلقا، ما لم تكن قد اشترطت العمل عند زواجها، أو تزوجها وهي تعمل، وكان العرف أن تستمر في عملها، فيلزمه الوفاء بشرطها؛ لما روى البخاري (2721)، ومسلم (1418) عن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ  .

وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ  رواه أبو داود (3594)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".

وحينئذ لا يجوز له أن يأخذ من راتبها شيئا، وهو ملزم بنفقتها في جميع الأحوال ولو كانت غنية.

وإن كانت لم تشترط العمل، ولم تكن تعمل عند العقد، فله منعها من العمل، أو أن يشترط عليها شيئا من دخلها لتسمح لها بالعمل.

قال البهوتي رحمه الله: "ولا تؤجِر المرأة نفسها [أي تعمل بأجرة] بعد عقد النكاح عليها، بغير إذن زوجها، لتفويت حق الزوج." انتهى من "الروض المربع"، ص 271.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "يجب على الإنسان أن ينفق على أهله، على زوجته وولده بالمعروف، حتى لو كانت الزوجة غنية، فإنه يجب على الزوج أن ينفق، ومن ذلك ما إذا كانت الزوجة تدرِّس، وقد شُرط على الزوج تمكينُها من تدريسها، فإنه لا حقَّ له فيما تأخذه من راتب، لا نصف، ولا أكثر، ولا أقل، الراتب لها، مادام قد شُرط عليه عند العقد أنه لا يمنعها من التدريس فرضي بذلك، فليس له الحق أن يمنعها من التدريس، وليس له الحق أن يأخذ من مكافأتها، أي: من راتبها شيئاً، هو لها.

أما إذا لم يُشترط عليه أن يمكِّنها من التدريس، ثم لما تزوج قال: لا تدرِّسي: فهنا لهما أن يصطلحا على ما يشاءان، يعني: مثلاً له أن يقول: أمكِّنك من التدريس بشرط أن يكون لي نصف الراتب، أو ثلثاه، أو ثلاثة أرباعه، أو ربعه، وما أشبه ذلك، على ما يتفقان عليه، وأما إذا شُرط عليه أن تدرِّس، وقبِلَ: فليس له الحق أن يمنعها، وليس له الحق أن يأخذ من راتبها شيئاً " انتهى من "شرح رياض الصالحين" (6/ 143).

ثانيا:

نفقة الزوجة لا تسقط بالتقادم

نفقة الزوجة لا تسقط بالتقادم، فلها طلبها ولو بعد سنين، وهذه النفقة تشمل المأكل والمشرب واللباس والدواء، بحسب قدرة الزوج، ولا يدخل فيها الكماليات ولا مصاريف الانتقال إلى العمل.

ثالثا:

نقوط العرس يعمل فيها بالعرف

نقوط العرس يعمل فيها بالعرف، فينظر: هل هي للزوجة أو للزوج، أو لهما معا، أو بعضها للزوجة، وبعضها مشترك، فيعمل بذلك.

وما جرى العرف فيه أنه للزوجة، فهو مالها الذي لا يجوز لأحد أن يأخذ منه شيئا إلا برضاها كسائر أموالها.

ثم النقوط: هل هي هدايا أو صدقات أو قروض يلزم ردها وتجوز لمطالبة بها؟ في ذلك خلاف، والأرجح أنه يرجع فيها للعرف أيضا.

قال اللبدي في حاشيته على "نيل المآرب" (2/ 256): " مسألة: إذا دفع إنسان لآخر نقوطًا في عرس أو ختان، أو أهدى له عند قدومه من بلاد الحجاز، ونحو ذلك، وكانت العادة جارية بمكافأة من فعل ذلك، بأن يدفع له نظير ما دفعه، ويهدي له نظير ما أهدى إن صار عنده عرس ونحوه، ثم إنه صار عند ذلك الإنسان عرس أو نحوه، فأبى الآخر أن يدفع له شيئاً، فهل له مطالبته بما دفعه؟

ظاهر إطلاقهم: لا، كما في الإقناع وغيره. ولو قيل: له الرجوع مع العادة: لكان له وجه؛ لأنه لو لم يعلم الدافع أنه يدفع له نظير ما دفعه له، لم يدفعه، وهذا معروف عندهم، والمعروف كالمشروط" انتهى.

والنصيحة أن توسطي من يعظ زوجك، ويبين له ما يحل ويحرم من مالك، وأن تدفعي عنك فكرة الطلاق، إذا كان زوجك مستقيما يحسن عشرتك.

فإن استمر في أخذ ما لا يحل له من مالك، ومنعك ما تبقى لك من مهرك، وشرطك عليه: فلك طلب الطلاق لأن هذا ظلم وسوء عشرة.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب