الحمد لله.
من شروط صحة البيع، أن يكون المبيع شيئا فيه منفعة مباحة.
قال الشافعي رحمه الله تعالى:
" وما كان فيه منفعة في حياته: بِيع من الناس، غير الكلب والخنزير، وإن لم يحل أكله، فلا بأس بابتياعه...
إنما أجيز للمسلمين بيع ما انتفعوا به، مأكولا أو مستمتعا به في حياته لمنفعة تقع موقعا " انتهى من"الأم" (4 / 26 – 27).
وقال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:
" ولم يختلفوا في القرد والفأر، وكل ما لا منفعة فيه: أنه لا يجوز بيعه ولا شراؤه، ولا أكل ثمنه " انتهى من"الاستذكار" (20 / 124).
وجاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (9 / 154):
" اتفقت المذاهب على عدم جواز بيع سباع البهائم والطير، إذا كانت مما لا ينتفع به بحال " انتهى.
ووجه ذلك: أن شراء ما لا نفع فيه إسراف وإضاعة للمال، وهذا أمر معلوم حرمته في دين الإسلام.
وطيور البوم، من جهة الأكل لا نفع فيها، فهي من الطيور الجوارح ذوات المخالب التي لا يحل أكلها .
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَعَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ " رواه مسلم (1934).
قال ابن قدامة رحمه الله: " قال: (وكل ذي مخلب من الطير، وهي التي تعلق بمخالبها الشيء، وتصيد بها).
هذا قول أكثر أهل العلم. وبه قال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي...
فيدخل في هذا كل ما له مخلب يعدو به، كالعقاب، والبازي، والصقر، والشاهين والباشق، والحدأة، والبومة، وأشباهها." انتهى، من "المغني" (9/326-327).
وقال في "نيل المآرب" (1/100): " (وما لا يؤكل من الطير والبهائم مما فوقَ الهر خِلقةً) أي في الخلقة (نجس) فدخل فيما لا يؤكل من الطير سِباعُها: كالعُقَاب، والصَّقْر، والحِدَأةِ، والبُومة، وما يأكل الجِيفَ منها كنَسْرٍ، ورَخَمٍ، وعقْعَقٍ، وغُرابِ بَيْنٍ، وأبْقَعَ." انتهى.
وقال النووي، رحمه الله: " قال أبو عاصم [يعني: العبادي]: والبوم حرام كالرخم " انتهى، من "المجموع" (9/21).
وعلى ذلك؛ فشراء البوم محرم ، إذا كان يحرم أكلها، ولا ينتفع بها على وجه مباح.
هذا، مع ما في شرائها من تضييع للمال والجهد والوقت فيما لا يفيد ، فهي تحتاج إلى الطعام مرتين في اليوم بلحوم خاصة تخزن من أجلها وتجهز لها بالتنظيف والتقطيع .
ولا شك أن في هذا هدراً للمال والوقت فيما لا نفع فيه.
ثم قد تكون تلك اللحوم ميتات من دجاج أو أرانب أو فئران فيقع مقتني البوم في معصية أخرى ، حيث يشتري لها تلك الميتات ، وبيع وشراء الميتات محرم بإجماع العلماء .
روى البخاري (2236)، ومسلم (1581) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ : " إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ " .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
"وأجمعوا على تحريم بيع الميتة والخمر والخنزير" انتهى من "فتح الباري" (4/426).
والحاصل:
أن البومة: لا يحل اقتناؤها، ولا بيعها ولا شراؤها.
والله أعلم.
تعليق