الثلاثاء 11 جمادى الأولى 1446 - 12 نوفمبر 2024
العربية

رأى كثرة الوفيات فقال إن ملك الموت قاعد في مدينتا فهل هذا استهزاء يكفر به؟

379498

تاريخ النشر : 07-07-2022

المشاهدات : 4960

السؤال

نحن في مدينتنا كثرت حالات الوفيات، وقال لي أحد الأشخاص: إن ملك الموت قاعد في مدينتنا، وأنا أنكرت عليه، وقلت له: استغفر، هذا لا يجوز، وقد يكون كفراـ فقال لي: كفرتني، فقلت لا، لكن هذا استهزاء، وهو قال عن نفسه: إنه لا يستهزئ، فما تقولون في هذا الشخص؟ وهل يلحقني شيء؛ لأن من لا يكفر الكافر فهو كافر؟

الجواب

الحمد لله.

الاستهزاء بملك الموت أو غيره من الملائكة الكرام: كفر بالله تعالى؛ لقوله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ. لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ  التوبة/65-66 .

قال ابن حزم رحمه الله: "وصح بالنص: أن كل من استهزأ بالله تعالى، أو بملك من الملائكة، أو بنبي من الأنبياء عليهم السلام، أو بآية من القرآن، أو بفريضة من فرائض الدين، فهي كلها آيات الله تعالى، بعد بلوغ الحجة إليه، فهو كافر" انتهى من "الفصل في الملل والأهواء والنحل" (3/142).

وقول صاحبك: "إن ملك الموت قاعد في مدينتنا" : الظاهر أنه لا يريد منه الاستهزاء، وإنما يريد منه الإشارة إلى كثرة الموت.

على أنه، وبكل حال: فإن كلامه فاسد، وفيه تجاوز لا ينبغي لعاقل أن يقع فيه؛ فإن الموت في كل مكان، وملك الموت لا يقعد في مدينة، ولا يتصرف من تلقاء نفسه، وإنما هو مأمور مرسل من الله تعالى لقبض روح من انتهى أجله، كما قال تعالى: (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ)الأنعام/61.

وقال سبحانه: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ السجدة/11 .

فإن كان هذا القائل قد أراد الاستهزاء ، فليتب إلى الله تعالى ، وليجدد إيمانه.

وإن لم يرد الاستهزاء، فليتب إلى الله مما تلفظ به من الباطل، وليحذر أن يتكلم بكلمة توبق دنياه وأخراه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا ، يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ  رواه البخاري(6477)، ومسلم (2988).

وفي رواية الترمذي (2314) :  إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ لاَ يَرَى بِهَا بَأْسًا يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا فِي النَّارِ  وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".

وعن بلال المزني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ  رواه الترمذي (2319) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".

وأما قاعدة من لم يكفر الكافر فلا تنطبق على ما كان محتملا للكفر وعدمه، خاصة مع تبرؤ القائل من الاحتمال المكفر.

وينظر في بيان هذه القاعدة وخطأ من أخطأ في تنزيلها: جواب السؤال رقم:(210595). 

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب