الحمد لله.
من أخذ مال لغيره ليشتري له به شيئا، كان المال أمانة في يده، فإن اتجر فيه دون إذنه، كان في حكم الغاصب، فإن ربح كان الربح بينهما، كربح مضاربة المثل، على الراجح.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الربح يكون كله لصاحب المال، وذهب بعضهم إلى أنه يكون للغاصب، والقول الأول أرجح وأقرب للعدل، فإن الربح ينشأ عن أمرين: المال، والعمل فيه، فيقسم بينهما.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ومن اكتسب بهذه الأموال، بتجارة ونحوها، فقيل: الربح لأرباب الأموال. وقيل: له إذا اشترى في ذمته. وقيل: بل يتصدقان به؛ لأنه ربح خبيث. وقيل: بل يقسم الربح بينه وبين أرباب الأموال كالمضاربة، كما فعل عمر بن الخطاب في المال الذي أقرضه أبو موسى الأشعري لابنيه دون العسكر، وهذا أعدل الأقوال" انتهى من "مجموع الفتاوى" (30/ 29).
وقال: "أما المال المغصوب، إذا عمل فيه الغاصب حتى حصل منه نماء: ففيه أقوال للعلماء: هل النماء للمالك وحده؟ أو يتصدقان به؟ أو يكون بينهما كما يكون بينهما إذا عمل فيه بطريق المضاربة والمساقاة والمزارعة ، وكما يدفع الحيوان إلى من يعمل عليه بجزء من دره ونسله ، أو يكون للعامل أجرة مثله، إن كانت عادتهم جارية بمثل ذلك كما فعل عمر بن الخطاب ...
وهو العدل؛ فإن النماء حصل بمال هذا وعمل هذا، فلا يختص أحدهما بالربح، ولا تجب عليهم الصدقة بالنماء؛ فإن الحق لهما لا يعدوهما؛ بل يجعل الربح بينهما كما لو كانا مشتركين شركة مضاربة" انتهى من "مجموع الفتاوى" (30/322).
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " أودع عندي أحد الناس نقودا، فاستفدت من هذه النقود واستثمرتها، وعندما جاءني صاحب المال رددت له ماله كاملا ولم أخبره بما استفدته من ماله، هل تصرفي جائز أم لا؟
فأجاب: إذا أودع عندك أحد وديعة فليس لك التصرف فيها إلا بإذنه، وعليك أن تحفظها فيما يحفظ فيه مثلها، فإذا تصرفت فيها بغير إذنه فعليك أن تستسمحه، فإن سمح، وإلا فأعطه ربح ماله، أو اصطلح معه على النصف أو غيره، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (19/411).
وربح مضاربة المثل: أن تنظر كيف يعطي الناس في المضاربة لرب المال وللعامل، فإن كانوا يعطون 60% لرب المال مثلا، وللعامل 40% أخذت من ربح صاحبك 60% وإن سامحت في شيء فهذا لك.
ثم يُنظر، بعد ذلك، في الثمن الذي اشتريت به الأرض، فإن كان اشتراها بمثل ما أعطيته، فتقتسمان ما ربحه من استثمار المال.
وإن كان اشتراها بأكثر مما أعطيته، فتقتسمان ما ربحه من استثمار المال ويخصم منك ما دفعه زيادة في ثمن الأرض.
والله أعلم.
تعليق