الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

تقاطع أخاها لأنه سرق مالها

381678

تاريخ النشر : 24-08-2022

المشاهدات : 7963

السؤال

كان معي مبلغ كبير، وأخي سرق مني هذا المبلغ؛ لانه كان يريد أن يتزوج، ولم أكتشف السرقة إلا بعدها بفترة؛ لأنني كنت أترك الشنطة التي فيها الفلوس في بيت أبي، وعندما قلت لأمي: إن فلوسي سرقت، وأنا أشك في أخي، قالت لي: وأبوك أيضا يقول: لا يمكن لغيره أن يفعل ذلك، ومن بعدها أنا وأخي في قطيعة، كنت عندما أذهب لزيارة أبي وأمي وأجده أسلم عليه، وهو لا يرد السلام، فلما تكرر منه ذلك، تركت السلام عليه، لكن إن رأيت زوجته أو ابنته أكلمهم بشكل طبيعي. سؤالي: إذا مت هل سأكون قاطعة للرحم؟ وماذا علي فعله لأتجنب قطيعة الرحم؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

قطع الرحم من كبائر الذنوب، كما دل على ذلك أدلة كثيرة من القرآن الكريم والسنة والنبوية، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم: (93506) .

ثانيا :

مقاطعة المسلم وهجره –سواء كان من الأقارب أم من غيره- قد تكون لأمر دنيوي، وقد تكون لأمر ديني.

فالأمر الدنيوي ، كما لو حصل بينهم خلاف على أمر من أمور الدنيا، أو أساء أحدهما الأدب مع الآخر ... ونحو ذلك.

فهذا أباح الشرع مقاطعة المسلم فيه ثلاثة أيام فقط، والزيادة على ذلك حرام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ  رواه البخاري (6065).

وأما الأمر الديني، فكما لو كان المسلم مصرا على معصية أو بدعة، ويرجى من مقاطعته أن يتوب ويقلع عن معصيته، فهذا تشرع مقاطعته وهجره حتى يتوب، كما هجر النبي صلى الله عليه وسلم الثلاثة الذي تخلفوا عن غزوة تبوك بلا عذر، خمسين يوما، وأمر الصحابة بهجرهم.

والذي يظهر أن حال أخيك هو من النوع الأول، فالخلاف بينكما على المال الذي أخذه، وهو لم يقر بالذنب حتى يقال: إنه يهجر حتى يتوب، لا سيما وقد طالت المدة، و هو مصرٌّ على الإنكار، فظاهر سؤالك أنه أنكر أن يكون هو السارق. فلا يجوز لك مقاطعته أكثر من ثلاثة أيام.

وهذه المقاطعة تزول بالسلام عليه، فإذا سلمت عليه فقد زالت المقاطعة، وقمت بالواجب عليك ، وبرئت من إثم قطعة الرحم.

فإذا لم يرد عليك فقد باء بإثم قطع الرحم، ورد عليك السلام من هو خير منه، ملائكة الله تعالى . فإنها ترد عليك السلام، فتدعو لك بالسلامة.

روى البخاري في الأدب المفرد (1038) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ:

" قُلْتُ لأَبِي ذَرٍّ: مَرَرْتُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أُمِّ الْحَكَمِ فَسَلَّمْتُ، فَمَا رَدَّ عَلَيَّ شَيْئًا؟

فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، مَا يَكُونُ عَلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ؟ رَدَّ عَلَيْكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، مَلَكٌ عَنْ يَمِينِهِ" صححه الألباني في "صحيح الأدب المفرد" (796).

وعن عبد الله بن مسعود قال: "إِنَّ السَّلاَمَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ، وَضَعَهُ اللهُ فِي الأَرْضِ، فَأَفْشُوهُ بَيْنَكُمْ، إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا سَلَّمَ عَلَى الْقَوْمِ فَرَدُّوا عَلَيْهِ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهِمْ فَضْلُ دَرَجَةٍ، لأَنَّهُ ذَكَّرَهُمُ السَّلاَمَ، وَإِنْ لَمْ يُرَدَّ عَلَيْهِ رَدَّ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَأَطْيَبُ".

قال الألباني في "صحيح الأدب المفرد" (797) : "صحيح موقوفاً- وصح مرفوعاً" انتهى. أي: صح من كلام النبي صلى الله عليه وسلم .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب