الحمد لله.
نعم ، يزداد الأجر في النوافل والفرائض بحسب كثرة عدد المصلين .
عن أبيِّ بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صَلاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلاتِهِ وَحْدَهُ ، وَصَلاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ ، وَمَا كَانُوا أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ) . رواه أبو داود ( 554 ) ، والنسائي ( 843 ) . حسنه الألباني في صحيح بي داود .
وروى البزار والطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( صلاة رجلين يؤم أحدهما صاحبه أزكى عند الله من صلاة ثمانية تترى ، وصلاة أربعة يؤمهم أحدهم أزكى عند الله من صلاة مائة تترى ) . حسنه الألباني في صحيح الترغيب (412) .
" تترى " : أي : متفرقين .
قال السندي :
" أزكى " أي : أكثر أجراً .
" وما كانوا أكثر " أي : قدر ما كانوا أكثر فذلك القدر أحب مما دونه . " شرح النسائي " ( 2 / 105 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (31/221) :
" اجْتِمَاع النَّاسِ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ أَفْضَلُ مِنْ تَفْرِيقِهِمْ فِي مَسْجِدَيْنِ ; لأَنَّ الْجَمْعَ كُلَّمَا كَثُرَ كَانَ أَفْضَلَ . . . ثم استدل بهذا الحديث " اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
لو قُدِّر أن هناك مسجدين ، أحدهما أكثرُ جماعة مِن الآخر : فالأفضلُ أن يذهبَ إلى الأكثرِ جماعة ؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : " صَلاةُ الرَّجُلِ مع الرَّجُلِ أزكى مِن صلاتِهِ وحدَهُ ، وصلاتُهُ مع الرَّجُلَين أزكى مِن صلاتِهِ مع الرَّجُلِ ، وما كانوا أكثرَ فهو أحبُّ إلى اللهِ " ، وهذا عامٌّ ، فإذا وُجِدَ مسجدان : أحدُهما أكثرُ جماعة مِن الآخرِ : فالأفضلُ أن تُصلِّيَ في الذي هو أكثر جماعة .
" الشرح الممتع " ( 4 / 150 ، 151 ) .
وذهب بعض العلماء إلى أن الجماعات لا تتفاوت في الفضل والأجر ، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ) . متفق عليه . فجعل الجماعات كلها بسبع وعشرين وخمس وعشرين ولم يفرق بين جماعة وجماعة .
وقد رُدَّ عليهم في هذا الاستدلال .
قال ولي الدين العراقي :
" وليس في الحديث حجة لمن تعلق به في تساوي الجماعات ; لأنا نقول : أقل ما تحصل به الجماعة محصِّل للتضعيف ، ولا مانع من تضعيف آخر بسبب آخر من كثرة الجماعة أو شرف المسجد أو بعد طريق المسجد أو غير ذلك " اهـ .
" طرح التثريب " ( 2 / 301 ، 302 ) .
يعني أنه متى انعقدت الجماعة ولو باثنين فقط حصل التضعيف المذكور في الحديث ( سبعة وعشرون درجة ) ولا مانع من أن يكثر الثواب بأسباب أخرى ، ومنها كثرة الجماعة .
والله أعلم .
تعليق