الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

ضوابط طاعة المرأة لزوجها

386056

تاريخ النشر : 30-04-2023

المشاهدات : 31315

السؤال

زوجي يأمرنى بالالتزام تماما بنظام غذائي للتخسيس، ويأمرنى بالاستئذان منه إذا اردت تناول طعام خارج هذا النظام، وله أن يوافق أو لا، وأحيانا أتناول طعاما خارج النظام ولا أخبره؛ لأنه يغضب، أو يرفض، أو لا يرد على الهاتف لانشغاله، وأحيانا أكون في حالة ملل، أو ضيق، أو اكتئاب فأذهب لتناول بعض الطعام خارج نظام الدايت، ولا أخبره؛ لأن ظنى أنه لن يراعي ذلك، وهو يأمرنى أن لا أخفي عنه شيئا وإلا لن يسامحني أمام الله تعالى، فهل له ذلك؟ وهل على ذنب؟ وهل يجب طلب السماح منه، أم يكفي استغفارى، وتوبتى أمام الله تعاالى، علما بأن غضب زوجي وزعله شديد إذا علم؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

يجب على المرأة طاعة زوجها بالمعروف .

قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) النساء/34.

قال القرطبي: "هذا كله خبر، ومقصوده الأمر بطاعة الزوج والقيام بحقه في ماله وفي نفسها في حال غيبة الزوج" انتهى من "تفسير القرطبي" (5/170).

وينظر جواب السؤال رقم: (13661).

ثانيا :

ليس هناك أحد يطاع طاعة مطلقة في كل ما يأمر به إلا الله تعالى ، ورسوله صلى الله عليه وسلم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"لَا تَكُونُ الْعِبَادَةُ إلَّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَلَا الطَّاعَةُ الْمُطْلَقَةُ إلَّا لَهُ سُبْحَانَهُ ، وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" انتهى من "مجموع الفتاوى" (28/19).

ومن هنا فقد وضع العلماء شروطا لوجوب طاعة الزوجة لزوجها:

الشرط الأول:

ألا يأمرها بما فيه معصية لله تعالى.

فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (لا طَاعَةَ فِي  معْصِيَةِ اللَّهِ ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ) رواه البخاري (4340)، ومسلم (1840) .

الشرط الثاني:

أن يكون في استطاعتها القيام بما يأمرها به، وألا يكون عليها ضرر عليها في ذلك، لقول الله تعالى : (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) البقرة/286، وقوله تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) الحج/78، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار) رواه مالك، وأحمد، وابن ماجه، وصححه الألباني.

وإذا كانت أوامر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم تسقط عن العبد عند عدم استطاعته، فمن باب أولى أوامر الزوج لزوجته.

الشرط الثالث:

أن يكون هذا الأمر فيما يتعلق بالنكاح وتوابعه ، كالاستمتاع وإدارة شئون الأسرة، وعدم خروجها من البيت إلا بإذنه، وألا تأذن لأحد في الدخول إلى بيته إلا بإذنه، وخدمتها له بما جرى به العرف ... ونحو ذلك.

قال ابن نجيم رحمه الله: لا يجب على الْمَرْأَة طَاعَةُ الزَّوْجِ في كل ما يَأْمُرُ بِهِ ، إنَّمَا ذلك فِيمَا يَرْجِعُ إلَى النِّكَاحِ وَتَوَابِعِهِ ، خُصُوصًا إذَا كان في أَمْرِهِ إضْرَارٌ بها" انتهى من "البحر الرائق" (5/77).

وبناء على هذا، فالذي يظهر أنه لا يجب على الزوجة أن تطيع زوجها في اتباع نظام غذائي معين، كما لا يلزمها أن تستأذنه كلما أرادت أن تأكل شيئا، إلا إذا وصل الأمر إلى حد المرض والتأثير على قيامها بحقوق زوجها والأسرة، فحينئذ يتوجه القول بأنه يلزمها اتباع نظام غذائي يحافظ على سلامتها من غير تعسف ولا إضرار بها.

رابعا :

ينبغي أن تكون العلاقة بين الزوجين مبنية على التفاهم الهادئ الذي يحقق الألفة والمودة والرحمة، بعيدا عن التشدد الذي لن يكون في مصلحة الأسرة .

ولذلك ينبغي أن يكون الزوج رفيقا بزوجته، وأن يكون أكثر ما يعنيه هو دينها، وألا يقف كثيرا عند جمال الجسد، والقوام واعتداله؛ فإن ذلك لن يدوم، وغاية المسلم أعلى وأسمى من أن يتعلق بهذا.

كما أنه ينبغي للزوجة أن تحرص على طاعة زوجها ، قدر طاقتها، حتى فيما لا يلزمها شرعا طاعته فيه ، ما دام ذلك لا يُضِرُّ بها، ولا يؤذيها؛ حفاظا على المحبة والألفة واستقرار الأسرة.

نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالكم.

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب