الحمد لله.
أباح الشارع النظر في الخطبة ليرى الرجل المرأة وينظر إلى ما يرغبه فيها، كما أباح للمرأة ذلك، لتتم موافقة كل منهما عن قناعة ورغبة، كما روى الترمذي (1087)، وابن ماجه (1865): "عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ خَطَبَ امْرَأَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا أي أَحْرَى أَنْ تَدُومَ الْمَوَدَّةُ بَيْنَكُمَا. والحديث صححه الألباني في "صحيح الترمذي".
وروى أبو داود (2082) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ ، قَالَ : فَخَطَبْتُ جَارِيَةً فَكُنْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتَّى رَأَيْتُ مِنْهَا مَا دَعَانِي إِلَى نِكَاحِهَا وَتَزَوُّجِهَا فَتَزَوَّجْتُهَا". والحديث حسنه الألباني في "صحيح أبي داود".
قال النووي رحمه الله: " إذا رغب في نكاحها استحب أن ينظر إليها لئلا يندم، وفي وجه لا يستحب هذا النظر بل هو مباح، والصحيح الأول للأحاديث، ويجوز تكرير هذا النظر ليتبين هيئتها، وسواء النظر بإذنها وبغير إذنها، فإن لم يتيسر النظر بعث امرأة تتأملها وتصفها له " انتهى من "روضة الطالبين" (7/19).
ولا شك في تحريم غش الخاطب بأي صورة تظهر المرأة على غير حقيقتها، كما لو وضعت مساحيق أو عدسات ملونة أو نمصت حواجبها أو غير ذلك، وهذا الغش مناف للحكمة من إباحة النظر.
ولكن قد تفعل المرأة شيئا من ذلك بغفلة، أو حسن نية، أو جريا على عادة نساء بلدها في التجمل والتزين بمثل ذلك؛ فتريد أن تظهر بمظهر يرغب الخاطب فيها، ولا يكون في بالها أن مثل ذلك غش للخاطب.
فالنصيحة لك أن تدع ما مضى وكان، وأن تتجاوز عما حصل، وتعفو عما لك من حق، وأن تحسن الظن، وتلتمس العذر.
وما دامت زوجتك مرضية الدين والخلق، فاحمد الله تعالى واشكره، وما فاتك من صفات، فعندك ما هو خير منه (الدين والخلق) وهذا يكفي، بل هو أعظم شيء، فلا تكدر صفو عيشك بالتفكير فيما حصل، ولا تنشغل به، ولا تجعل ذلك مدخلا للشيطان ليحزنك به، أو يفرق بينك وبين زوجك.
نسأل الله أن يرزقكما السعادة والهناء والرزق الحسن.
والله أعلم.
تعليق