الحمد لله.
المال الذي صرفتَه على تشطيب نصف الشقة المملوك لزوجتك فيه تفصيل:
1-فإن كنت فعلت ذلك بنية الرجوع عليها والمطالبة به، أو على سبيل المشاركة في ملك العين: فلك المطالبة به الآن، ولكما أن تتفقا على أن يخصم منه ما يلزمك من مؤخر ونفقة عدة ومتعة.
2-وإن كنت فعلت ذلك تبرعا، فهذه هبة والأصل تحريم الرجوع في الهبة؛ لما روى أبو داود (3539)، والترمذي (2132)، والنسائي (3690)، وابن ماجه (2377) عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ ، وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود".
لكن إن كنت وهبت لها شيئا من ذلك، لغرض كإحسانها العشرة، فلم تفعل، فلك الرجوع حينئذ؛ لما روى مالك في "الموطأ"(1477) أن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: " مَنْ وَهَبَ هِبَةً لِصِلَةِ رَحِمٍ أَوْ عَلَى وَجْهِ صَدَقَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِيهَا ، وَمَنْ وَهَبَ هِبَةً يَرَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ بِهَا الثَّوَابَ فَهُوَ عَلَى هِبَتِهِ يَرْجِعُ فِيهَا إِذَا لَمْ يُرْضَ مِنْهَا ".
قال الألباني: " وهذا سند صحيح على شرط مسلم" انتهى من "إرواء الغليل"(6/55).
ومعنى : (أَرَادَ بِهَا الثَّوَابَ) أنه أراد أن يأخذ مقابلا لهبته ، فالمعاملة في الحقيقة صارت معاوضة، وليست تبرعا بالهبة . فإذا لم يأخذ ما يقابل هديته فله الرجوع فيها.
ينظر: "المنتقى شرح الموطأ"(6/110) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وهذا المنصوص جار على أصول المذهب، الموافقة لأصول الشريعة، وهو أن كل من أُهدي أو وُهب له شيء بسببٍ، يثبت بثبوته، ويزول بزواله، ويحرم بحرمته ويحل بحله ..." انتهى من "الفتاوى الكبرى"(5/472).
وأولى من ذلك باستحقاق العود، والمحاسبة عليه: أن تكون فعلت ذلك على وجه المشاركة في الملك، كما سبق الإشارة إليه في أول الجواب.
ثم إذا رجعت، حسبت ما لك، وما عليك، وخصمت ما عليك، مما لك.
والله أعلم.
تعليق