الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

التسمية ببعض مفردات القرآن

394033

تاريخ النشر : 25-02-2023

المشاهدات : 2154

السؤال

اسمي "وریشا"، وقد علمت أنّ اسمي ليس له معنى، أو ليس له معنى جيد، لذلك قررت تغييره، أريد أن آخذ اسمًا يرتبط بكلمة نور، فأيّ من الأسماء التالية جيد، "نور العدن"، "نور الإیمان"، "أُجالا"، فهل من المقبول أن آخذ أيًا مما سبق؟ إذا كنت تعرف اسمًا آخر به كلمة نور، فاقترح عليّ ذلك. وما معنى كلمة "مِهمال"؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

قال الله تعالى:(يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) الأعراف/26.

وكلمة (وَرِيشًا) المذكورة في الآية الكريمة، هي في حقيقة الأمر مركبة من كلمتين، لا كلمة واحدة:

الأولى: (وَ)، وهي حرف العطف المعروف.

(رِيشًا) وهي في اللغة بمعنى: المال، أو اللباس وما يُتجمل به.

قال ابن فارس رحمه الله تعالى:

"ريش: أصل واحد يدل على حسن الحال، وما يكتسب الإنسان من خير. فالريش: الخير. والرياش: المال" انتهى من "مقاييس اللغة" (2/466).

وقال القرطبي رحمه الله تعالى:

"والذي عليه أكثر أهل اللغة أن "الرّيش" ما ستر من لباس أو معيشة " انتهى من "تفسير القرطبي" (9/185).

وهذا الذي يروى عن أهل التفسير.

قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى:

" قال ابن عباس، ومجاهد: "الرياش": المال.

وقال عطاء: المال والنعيم.

وقال ابن زيد:الريش: الجمال.

وقال معبد الجهني: الريش: الرزق..." انتهى من "زاد المسير" (3/182).

ومع هذا المعنى الواضح للكلمتين (وريشا) في سياق الآية الكريمة؛ إلا أن التسمية بهذا التركيب (وريشا) لا معنى لها، ولا يصح التسمية بها في لغة العرب التي اقتبست الكلمة منها، ولا نظن ذلك يصح في لغة العجم أيضا؛ فإن هذا المقطع (وريشا) مكون من حرف عطف، ومعطوف، فهما جزء من جملة، غير مستقل بنفسه، وغير واضح المعنى في نفسه أيضا، بل لا بد للمعطوف، وهو من أنواع التوابع في اللغة، من ذكر المعطوف عليه ، وهو في الآية الكريمة (لباسا)، ثم ذكر ذلك الكلام على وجه التمام الذي يتضح به المعنى، يجعلنا نستعمل جملة لا طويلة، لا يمكن التسمي بها، ولا يعقل ذلك أحد!!

والحاصل:

أنه ليس كل ما كان له معنى في اللغة العربية، صح التسمي به، وليس كل كلمة ذكرت في القرآن، يمكن أن تلتقط من سياقها، وتجعل (اسما)؛ فهذا من وضع الألفاظ والكلمات في غير مواضعها الذي وضعت له في اللغة .

ثم إنه ليس من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا من هدي السلف الصالح: التبرك بتسمية الأولاد بأي كلمة وردت في القرآن الكريم.

طالعي للأهمية جواب السؤال رقم: (204257).

وعلى ذلك؛ فنحن نؤيدك في تغيير هذا الاسم، الذي ليس له معنى صالح للتسمي، إلى اسم حسن المعنى، واضح، معلوم في بيئتكم وبلادكم؛ إذا كان ذلك ممكنا.

ثانيا:

اسم "نور عدن" هو اسم ليس بلائق لعدم صدقه فـ "عدن" هي جنة الآخرة كما هو معلوم، وليس في هذه الدنيا نور لها.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" فلا أرى أن يضاف شيء من أمور الدنيا إلى أمور الآخرة لظهور الفرق بينهما، وهو كذب إذا قال: هذا مطعم الفردوس وهذا فندق الفردوس، هذا كذب، لأنه وإن كانت اللغة أوسع، لكن أصبح عرفاً لا يطلق إلا على الجنة" انتهى من "دروس الشيخ محمد بن صالح العثيمين" (11/ 167 ترقيم الشاملة).

وكذا اسم "نور الإيمان" فلا يليق لما فيه من التزكية للنفس.

قال الله تعالى:(فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) النجم/32.

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، قَالَ: " سَمَّيْتُ ابْنَتِي بَرَّةَ، فَقَالَتْ لِي زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ هَذَا الِاسْمِ، وَسُمِّيتُ بَرَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ، اللهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْبِرِّ مِنْكُمْ).

فَقَالُوا: بِمَ نُسَمِّيهَا؟

قَالَ: (سَمُّوهَا زَيْنَبَ) رواه مسلم (2142).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

"قال الطبري: لا تنبغي التسمية باسم قبيح المعنى، ولا باسم يقتضي التزكية له..." انتهى من"فتح الباري" (10/577).

وطالعي لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم: (222715).

وأما اسم "أجالا" فلا نعرف معناه.

ثالثا:

وإذا كنت ترغبين في اسم من "النور" فهناك اسم "نورة" وهو بحمد الله تعالى لا يحتوي على ما ينهى عنه، ثم هو اسم معروف متداول أيضا. ويمكن أن يكون "نور الصباح"، أو "نور العين"، إن شئت أن يحتوي الاسم على كلمة "نور".

وإلا؛ فلا تضيقي على نفسك بذلك، والأسماء الحسنة الملائمة كثيرة، ولو أسميت: فاطمة، أو زينب، أو أسماء أو سلمى، أو نحو ذلك من أسماء أمهات المؤمنين والصحابيات رضي الله عنهن أجمعين، مع ملاحظة أن يكون نطقه سهلا في بيئتكم وبلدكم؛ فهو خير لك وأحسن.

وقد سبق في الموقع ذكر مجموعة من الأسماء الحسنة للبنات، وهذا في جواب السؤال رقم: (101401).

وأما كلمة "مِهْمال" المذكورة، فإن كنت تقصدين الكلمة، بحسب نطقها العربي؛ فغايتها أن تكون صفة "ذم" من الإهمال، على وزن صيغة المبالغة من الفعل "أهمل"؛ ولا مدخل لها في الأسماء العربية؛ بل هي وصف للذم، إن صح إطلاق ذلك.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب