الحمد لله.
بقاء العملات الرقمية فيما يسمى بفترة الحضانة يحتمل عدة احتمالات:
الأول: أن تنتفع به الشركة لنفسها، مع التزامها برد العملات لصاحبها، وهذا يعتبر قرضا، فالقرض : أخذ مال للانتفاع به مع ضمانه ورد بدله.
وعليه ، فالمكافأة محرمة؛ لأنها فائدة على القرض.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (4/211): " وكل قرض شرط فيه أن يزيده، فهو حرام، بغير خلاف ...
وإن شرط أن يؤجره داره بأقل من أجرتها، أو على أن يستأجر دار المقرض بأكثر من أجرتها، أو على أن يهدي له هدية، أو يعمل له عملا، كان أبلغ في التحريم.
وإن فعل ذلك من غير شرط قبل الوفاء [أي قبل سداد القرض]: لم يقبله، ولم يجز قبوله، إلا أن يكافئه، أو يحسبه من دينه، إلا أن يكون شيئا جرت العادة به بينهما قبل القرض; لما روى الأثرم أن رجلا كان له على سمّاك عشرون درهما، فجعل يهدي إليه السمك ويقوّمه، حتى بلغ ثلاثة عشر درهما، فسأل ابن عباس فقال: أعطه سبعة دراهم.
وعن ابن سيرين، أن عمر أسلف أبي بن كعب عشرة آلاف درهم، فأهدى إليه أبي بن كعب من ثمرة أرضه، فردها عليه، ولم يقبلها، فأتاه أبي فقال: لقد علم أهل المدينة أني من أطيبهم ثمرة، وأنه لا حاجة لنا، فبم منعت هديتنا؟ ثم أهدى إليه بعد ذلك، فقبل.
وعن زِر بن حبيش، قال: قلت لأبي بن كعب: إني أريد أن أسير إلى أرض الجهاد إلى العراق. فقال: إنك تأتي أرضا فاش فيها الربا، فإن أقرضت رجلا قرضا، فأتاك بقرضك ومعه هدية، فاقبض قرضك، واردد عليه هديته. رواهما الأثرم.
وروى البخاري، عن أبي بردة، عن أبي موسى، قال: قدمت المدينة، فلقيت عبد الله بن سلام. وذكر حديثا. وفيه: ثم قال لي: إنك بأرض فيها الربا فاش، فإذا كان لك على رجل دين، فأهدى إليك حمل تبن، أو حمل شعير، أو حمل قتّ [نبات تأكله البهائم]، فلا تأخذه، فإنه ربا " انتهى.
وجاء في "المعايير الشرعية"، ص 325: " لا يجوز للمقترض تقديم عين أو بذل منفعة للمقرض، في أثناء مدة القرض، إذا كان ذلك من أجل القرض؛ بأن لم تكن العادة جارية بينهما بذلك قبل القرض" انتهى.
وينظر في تحريم الهدايا على القرض: جواب السؤال رقم: (49015)، ورقم: (153672).
الاحتمال الثاني:
أن تستثمر الشركة العملات المحفوظة لديها استثمارا مشتركا بينها وبين صاحب العملات، بعقد شركة أو مضاربة.
فيجب حينئذ التحقق من شروط صحة الاستثمار ، ومنها : عدم ضمان رأس المال ، ومنها : الاتفاق على نسبة معلومة من الربح.
والظاهر أن هذا غير وارد هنا، فالشركة تعتبر ما تعطيه مكافأة، وليس حقا واجبا عليها، هذا مع عدم ذكر شيء عن الاستثمار أو شروطه.
الاحتمال الثالث:
أن تحتفظ الشركة بالعملات ولا تنتفع بها، وهذا بعيد.
وعلى فرض ذلك، فلا يعقل أن تعطي الشركة هدايا أو مكافآت دون مقابل، أو منفعة لها من بقاء العملات لديها؛ ولو كانت المنفعة هي ما ذكروه من استقرار سعر عملتهم؛ فلا يجوز المكافأة مقابل هذه المنفعة العائدة إليهم.
وعليه؛ فالذي ننصح به هو سحب العملات وعدم إبقائها، تجنبا للوقوع في الربا الذي هو من أكبر الكبائر.
والله أعلم.
تعليق