الحمد لله.
أولاً:
روى أحمد (10709) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما مِن مسلمٍ يدعو الله بدعوةٍ، ليس فيها إثمٌ ولا قطيعةُ رحمٍ؛ إلا أعطاه بها إحدى خصال ثلاث: إما أنْ يعجِّل له دعوتَه، وإمَّا أنْ يدَّخر له من الخير مثلها، وإما أنْ يصرف عنه من الشرِّ مثلها ، قالوا: يا رسول الله إذا نكثر؟ قال: الله أكثر .
رواه أحمد (10709)، وقد جوَّد إسنادَه المنذري في "الترغيب والترهيب" (2/479)، وصحَّحه الحافظ ابن حجر في "الفتح" (11/115).
فالمؤمن يدعو الله تعالى وهو متيقن من حصول الإجابة.
ولكن الإجابة ليست منحصرة في أن يعطيه الله تعالى ما سأل، وإنما تكون بحصول إحدى الخصال الثلاثة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق ، وهذا هو المراد بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاهٍ رواه الترمذي (3479)، وحسنه الشيخ الألباني في "صحيح الترمذي" (2766).
قال ابن عبد البر رحمه الله:
"وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الإجابة ومعناها، ما فيه غنى عن قول كل قائل وهو حديث أبي سعيد الخدري ....
وذكر الحديث المتقدم، ثم قال:
"وفيه دليل على أنه لا بد من الإجابة على إحدى هذه الأوجه الثلاثة" انتهى من "التمهيد" (10/2897).
ثانيا:
قول السائل: كيف أتيقن من إجابة الدعاء؟
الظاهر أنه يريد بذلك : حصول ما طلبه بعينه.
والجواب على ذلك: أنه إن دعا بشيء يحصل له في الدنيا، فحصل، فهذا دليل على أن الله تعالى قد استجاب دعاءه، وأعطاه ما سأل، كما لو دعا الله تعالى بالشفاء من مرض، أو بالنجاح في عمل، أو بالانتقام من ظالم، أو هداية أولاده ... ونحو ذلك؛ فإذا حصل له ما دعا به فهذا دليل على أن الله استجاب دعاءه.
أما إذا لم يحصل له ما دعاه به، فليعظم الرجاء لله ألا يخليه الله من الخصلتين الأخريين: أن يصرف عنه من السوء والشر مثل ما دعا به ، أو يدخر ثواب ذلك يوم القيامة.
وأما إن كان المراد من السؤال: كيف يعلم بذلك عند الدعاء، أو قبل أوان تحقق المطلوب المدعو به؛ فالأمر على ما جاء في الحديث، ولا يقين فوق ذلك، ولا علم فوق ما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم؛ وقد نهينا عن تكلف ما لا علم لنا به.
والله أعلم.
تعليق