الحمد لله.
لا حرج على ولي المرأة أن يسأل عن راتب الخاطب، ومستواه المادي، لأن الولي يتصرف لمصلحة المرأة، ومن مصلحتها: أن تتزوج رجلا يستطيع النفقة عليها.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ: فَالأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ فهو رَاعٍ عليهم وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْرواه البخاري (2554)، ومسلم (1829).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" وقد دلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن الولاية أمانة يجب أداؤها ... وقد أجمع المسلمون على معنى هذا؛ فإن وصي اليتيم، وناظر الوقف، ووكيل الرجل في ماله؛ عليه أن يتصرف له بالأصلح فالأصلح ، كما قال الله تعالى: ( وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ). ولم يقل إلا بالتي هي حسنة" انتهى من "مجموع الفتاوى" (28/ 250–251).
وقد دلت السنة على جواز أن يتزوج الرجل المرأة لمالها ، فكذلك يجوز للمرأة أن تتزوج الرجل لماله ، وإن كان الذي ينبغي أن يكون الاهتمام الأول بالدين .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: تُنْكَحُ المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ رواه البخاري (5090)، ومسلم (1466).
قال أبو العباس القرطبي رحمه الله تعالى:
" و(قوله: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها) أي: هذه الأربع الخصال هي المرغِّبة في نكاح المرأة. وهي التي يقصدها الرجال من النساء. فهو خبر عما في الوجود من ذلك، لا أنه أمر بذلك. وظاهره إباحة النكاح لقصد مجموع هذه الخصال، أو لواحدة منها، لكن قصد الدين أولى وأهم؛ ولذلك قال: (فاظفر بذات الدين تربت يمينك) " انتهى من "المفهم" (4/ 215).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" ثم لو شرط أحد الزوجين في الآخر صفة مقصودة؛ كالمال، والجمال، والبكارة، ونحو ذلك: صح ذلك، وملك المشترط الفسخ عند فواته، في أصح الروايتين عند أحمد، وأصح وجهي أصحاب الشافعي وظاهر مذهب مالك... " انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/175).
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار على فاطمة بنت قيس برفض معاوية بن أبي سفيان ، حتى تقدم لها خاطبا ، وعلل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : (إنه صعلوك [أي فقير] لا مال له) رواه مسلم (1480).
فكل هذه الأدلة تدل على جواز هذا التصرف من الولي ، ولا حرج عليه في ذلك ، إلا أنه ينبغي أن يكون ذلك بحكمة ؛ لأن كثيرا من الناس يرون تفاصيل الراتب من الأسرار الشخصية، ولا يحبون التفصيل فيها، خشية ألا يتم النكاح، كما يمكن معرفة حال الخاطب المالية من خلال السؤال عن طبيعة عمله ووظيفته.
والله أعلم.
تعليق