الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

حكم اسم " عبد الجلال" ؟

399238

تاريخ النشر : 16-11-2022

المشاهدات : 9536

السؤال

والدي سمّاني عبد الجلال، والآن أريد تغييره، ولدي أسئلة: 1. هل تغيير الاسم إلزامي؟ 2. وهل من المناسب العودة إلى جلال فقط حتى لا أبدّل جذريا مع وثائقي الأخرى؟ 3. وما هي النصيحة الأخرى التي يمكنك تقديمها لي؟

ملخص الجواب

الواجب تغيير اسم "عبد الجلال" إلى اسم آخر، سليم المعنى، لا إشكال فيه، مما تتخيره لنفسك. لأن الجلال ليس اسما لله تعالى. ولا حرج عليك في أن تتسمى باسم "جلال"، إن كان ذلك ملائما لك، أو كان أخف عليك في تغيير الاسم في الأوراق، وفي المعاملات الاجتماعية. وإن كانت إجراءات تغيير الاسم واحدة، كما هو الظاهر؛ فالأحسن أن تختار ما أرشدت إليه السنة. ولينظر للأهمية التفصيل المذكور في الجواب المطول.

الحمد لله.

أولا:

وصف الله بأنه ذو الجلال

يوصف الله تعالى بأنه "ذو الجلال".

كما في قوله تعالى: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) الرحمن/27.

وقال الله تعالى: (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) الرحمن/78.

والجلال: مصدر بمعنى: العظمة، من جلَّ.

قال ابن فارس رحمه الله تعالى:

" جَلَّ الشَّيْءُ: عَظُمَ، وَجُلُّ الشَّيْءِ مُعْظَمُهُ. وَجَلَالُ اللَّهِ: عَظَمَتُهُ. وَهُوَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ " انتهى من "مقاييس اللغة" (1/417).

والمصادر ليست أسماء، وإنما تشتق منها الأسماء.

فمثلا القدرة والعلم والرحمة ليست أسماء لله تعالى، وإنما أسماء الله تعالى مشتقة منها وهي: القدير والعليم والرحيم، وكذا سائر أسمائه سبحانه وتعالى.

فالحاصل؛ أن الجلال ليس اسما لله تعالى، وإنما اختلف في الاسم المشتق منه وهو "الجليل" هل يعد اسما لله تعالى أم لا؟

فمنهم من عدّه اسما لله تعالى، ومن ذلك قول الخطابي رحمه الله تعالى:

" الجليل: هو من الجلال، والعظمة. ومعناه: منصرف إلى جلال القدرة، وعِظَم الشأن، فهو الجليل الذي يصغر دونه كل جليل، ويتضع معه كل رفيع " انتهى من "شأن الدعاء" (ص 70).

وقال البيهقي رحمه الله تعالى:

" ومنها "الجليل" وذلك مما ورد به الأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم في خبر الأسامي، وفي الكتاب: ( ذو الجلال والإكرام )، ومعناه المستحق للأمر والنهي، فإن جلال الواحد فيما بين الناس إنما يظهر بأن يكون له على غيره أمر نافذ لا يجد من طاعته فيه بدا، فإذا كان من حق الباري جل ثناؤه على من أبدعه أن يكون أمره عليه نافذا، وطاعته له لازمة، وجب له اسم الجليل حقا " انتهى من "الأسماء والصفات" (1/ 69-70).

وذهب جمع من أهل العلم إلى أن "الجليل" ليس اسما لله تعالى؛ لأنه لم يرد به نص من كتاب أو سنة صحيحة الثبوت، وأسماء الله توقيفية لا يثبت منها شيء إلا بنص من الوحي.

وأما "الجلال" فليس اسما له تعالى، فكما لا يصح أن نقول: عبد القدرة، بل نقول: عبد القدير، أو عبد القادر، فكذلك لا يصح أن نقول عبد الجلال، وإنما يقال: عبد الجليل، عند من يعتقد بأنه اسم من أسماء الله تعالى.

وعلى ذلك؛ فالواجب عليك تغيير اسم "عبد الجلال" إلى اسم آخر، سليم المعنى، لا إشكال فيه، مما تتخيره لنفسك.

ثانيا:

التسمي باسم جلال 

التسمي باسم "جلال" لا يعد تشبها بصفة الله تعالى "الجلال"؛ لأن صفة الله تعالى معرفة بـ "ال".

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى" (3/ 118-119):

" إن كثيرا من الأسماء مشتركة بين الله تعالى وبين غيره من مخلوقاته في اللفظ والمعنى الكلي الذهني، فتطلق على الله بمعنى يخصه تعالى ويليق بجلاله سبحانه، وتطلق على المخلوق بمعنى يخصه ويليق به، فيقال مثلا: الله حليم، وإبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام حليم، وليس حلم إبراهيم كحلم الله، والله رؤوف رحيم، ومحمد صلى الله عليه وسلم رؤوف رحيم، وليس رأفة محمد صلى الله عليه وسلم ورحمته كرأفة الله بخلقه ورحمته، والله تعالى جليل كريم ذو الجلال والإكرام على وجه الإطلاق، وكل نبي كريم جليل، وليست جلالة كل نبي وكرمه كجلالة غيره من الأنبياء وكرمه ولا مثل جلال الله وكرمه، بل لكل من الجلالة والكرم ما يخصه...

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عبد الله بن قعود، عبد الله بن غديان، عبد الرزاق عفيفي، عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.

وعلى ذلك؛ فلا حرج عليك في أن تتسمى باسم "جلال"، إن كان ذلك ملائما لك، أو كان أخف عليك في تغيير الاسم في الأوراق، وفي المعاملات الاجتماعية.

لكن إن كانت إجراءات تغيير الاسم واحدة، كما هو الظاهر؛ فالأحسن أن تختار ما أرشدت إليه السنة، كما في حديث ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إِلَى اللهِ عَبْدُ اللهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ) رواه مسلم (2132).

أو بما سنه النبي صلى الله عليه وسلم بالتسمي بأسماء الأنبياء.

كما في حديث أَبِي مُوسَى، قَالَ: "وُلِدَ لِي غُلاَمٌ، فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ، فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ، وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ، وَدَفَعَهُ إِلَيَّ" رواه البخاري (6198) في باب "مَنْ سَمَّى بِأَسْمَاءِ الأَنْبِيَاءِ"، ورواه مسلم (2145).

وكما في حديث يوسف بن عبد الله بن سلام رضي الله عنهما قال: "سَمَّانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوسُفَ، وَأَقْعَدَنِي عَلَى حِجْرِهِ، وَمَسَحَ عَلَى رَأْسِي" رواه البخاري في "الأدب المفرد" (838) تحت باب "أسماء الأنبياء"، وصححه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (10/578)، والألباني في "صحيح الأدب المفرد".

أو اتباع سلف الأمة بالتسمي بأسماء الصالحين من الصحابة وغيرهم.

وعلى كل؛ فالأمر في اختيار الاسم واسع، يرجع إلى ذوقك، وما تختاره لنفسك، بعد أن يكون سليم المعنى، لا إشكال فيه ولا منع من جهة الشرع.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب