الحمد لله.
اليمين الذي تلزم فيه الكفارة هو الحلف على أمر في المستقبل كما لو قلت: والله لأضربنك أو لأعطينك طريحة.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المقنع" ص 461: "ويشترط لوجوب الكفارة ثلاثة شروط:
أحدها: أن تكون اليمين منعقدة، وهي التي يمكن فيها البر والحنث، وذلك الحلف على مستقبل ممكن، فأما اليمين على الماضي فليست منعقدة، وهي نوعان: يمين الغموس، وهي التي يحلف بها عالماً بكذبه، وعنه فيها الكفارة، ومثلها الحلف على مستحيل كقتل الميت وإِحيائه وشرب ماء الكوز ولا ماء فيه. الثاني : لغو اليمين: وهي أن يحلف على شيء يظنه فيبين بخلافه فلا كفارة فيها.
الثاني: أن يحلف مختاراً: فإِن حلف مكرهاً لم تنعقد يمينه، وإِن سبقت اليمين على لسانه من غير قصد إِليها كقوله: لا والله، وبلى والله، في عرض حديثه فلا كفارة عليه.
الثالث: الحنث في يمينه بأن يفعل ما حلف على تركه ، أو يترك ما حلف على فعله مختاراً ذاكراً، وإِن فعله مكرهاً أو ناسياً فلا كفارة عليه" انتهى.
أما قولك: " والله إنك سوف تأكلين طريحة" فإن قصدت الحلف أنك ستضربينها، فهو يمين، وإن حنثت فيه فعليك الكفارة.
قال المرداوي في "الإنصاف" (11/12): " قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: الأحكام تتعلق بما أراده الناس بالألفاظ الملحونة. كقوله: (حلفت بالله) رفعا أو نصبا (والله بأصوم وبأصلي) ونحوه. وكقول الكافر: (أشهد أن محمد رسول الله) برفع الأول ونصب الثاني. و (أوصيت لزيدا بمائة) و (أعتقت سالم) ونحو ذلك. وهو الصواب. وقال أيضا: من رام جعل جميع الناس في لفظ واحد بحسب عادة قوم بعينهم فقد رام ما لا يمكن عقلا ولا يصلح شرعا" انتهى كلامه.
وقال في "كشاف القناع" (6/ 233): " (وإن رفعه) أي الله (كان يمينا) لأنه في العرف العام يمين ولم يوجد ما يصرفه عنه (إلا أن يكون) الحالف (من أهل العربية ولا ينوي به اليمين) لأنه ليس بيمين في عرف أهل اللغة ولا نواها، فإن نواها كان يمينا" انتهى.
والعرف والنية معتبران في باب الأيمان.
والتعبير بمثل ذلك عن الضرب: هو عرف فاش في ألسن الناس في كثير من البلدان، ومن متعارف كلامهم.
وعليه؛ فإذا كان معروفا عندكم أن "تأكلين طريحة" معناها الضرب المبرح، فهو عرف معتبر في ذلك؛ وما قلتيه: يمين مكفرة.
والله أعلم.
تعليق