الحمد لله.
أولا :
أسنان (HUTCHINSON) تعتبر علامة على مرض الزهري الخلقي، والذي يحدث عندما تنقل الأم الحامل مرض الزهري الرحمي إلى الرحم أو عند الولادة.
تظهر الحالة عند ظهور الأسنان الدائمة للطفل، وتتخذ القواطع والأضراس مظهرًا مثلثيًا أو حديديًا. تمت تسمية الحالة على اسم السير جوناثان هاتشينسون، الجراح الإنجليزي واختصاصي مرض الزهري الذي عمل في لندن.
وينظر: أسنان هاتشينسون.
ولا حرج في معالجة هذه الأسنان بوضع تلبيسة على السن بعد برد السن؛ لأن الوشر أو البرد أو التفليج للسن يجوز إذا كان علاجا؛ لما روى أحمد (3945) عن ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال: " سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ النَّامِصَةِ وَالْوَاشِرَةِ وَالْوَاصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ إِلَّا مِنْ دَاءٍ" وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح .
قال الشوكاني رحمه الله: " قوله : (إلا من داء): ظاهره أن التحريم المذكور إنما هو فيما إذا كان لقصد التحسين، لا لداء وعلة ، فإنه ليس بمحرم " انتهى من "نيل الأوطار" (6/229) .
وقال النووي رحمه في شرح حديث: عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : " لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ. وقال: وَمَا لِي أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) رواه البخاري (4886)، ومسلم (3966) :
" ( الْمُتَفَلِّجَات): الْمُرَاد مُفَلِّجَات الْأَسْنَان بِأَنْ تَبْرُد مَا بَيْن أَسْنَانهَا الثَّنَايَا وَالرُّبَاعِيَّات ، وَتَفْعَل ذَلِكَ الْعَجُوز وَمَنْ قَارَبْتهَا فِي السِّنّ، إِظْهَارًا لِلصِّغَرِ وَحُسْن الْأَسْنَان ، لِأَنَّ هَذِهِ الْفُرْجَة اللَّطِيفَة بَيْن الْأَسْنَان تَكُون لِلْبَنَاتِ الصِّغَار ، فَإِذَا عَجَزَتْ الْمَرْأَة كَبُرَتْ سِنّهَا وَتَوَحَّشَتْ، فَتَبْرُدهَا بِالْمِبْرَدِ لِتَصِيرَ لَطِيفَة حَسَنَة الْمَنْظَر ، وَتُوهِم كَوْنهَا صَغِيرَة ، وَيُقَال لَهُ أَيْضًا الْوَشْر ، وَمِنْهُ (لَعْن الْوَاشِرَة وَالْمُسْتَوْشِرَة) ، وَهَذَا الْفِعْل حَرَام عَلَى الْفَاعِلَة وَالْمَفْعُول بِهَا لِهَذِهِ الْأَحَادِيث ، وَلِأَنَّهُ تَغْيِير لِخَلْقِ اللَّه تَعَالَى ، وَلِأَنَّهُ تَزْوِير وَلِأَنَّهُ تَدْلِيس .
وَأَمَّا قَوْله : ( الْمُتَفَلِّجَات لِلْحُسْنِ ) فَمَعْنَاهُ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ طَلَبًا لِلْحُسْنِ .
وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ الْحَرَام هُوَ الْمَفْعُول لِطَلَبِ الْحُسْن ، أَمَّا لَوْ اِحْتَاجَتْ إِلَيْهِ لِعِلَاجٍ ، أَوْ عَيْب فِي السِّنّ وَنَحْوه : فَلَا بَأْس . وَاللَّه أَعْلَم" انتهى من "شرح صحيح مسلم" (13/107) .
فإذا كانت أسنانك معيبة، مثلثة أو محددة، فلا حرج في علاجها باستعمال التلبيسات من السيراميك أو غيره من المواد الظاهرة، غير الذهب والفضة.
ثانيا:
إذا لم تكن أسنانك معيبة، ولكنك تريد مظهرا جماليا زائدا لها، لم يجز وضع هذه التلبيسات؛ لما في ذلك من الشبه بالوشر المحرم.
قال الدكتور صالح بن محمد الفوزان في "الجراحة التجميلية" ص491:
"ثانيا: أن يكون التلبيس لمجرد الزينة: وذلك إذا لم تدع الحاجة الطبية إليه، بل كان المقصود الظهور بمظهر مختلف، تقليدا لرجل أو امرأة، أو رغبة في زيادة مقاييس الجمال.
ويظهر لي تحريم التلبيس في هذه الحالة؛ وذلك لأن تلبيس الأسنان فيه شبه بالوشر المحرّم؛ بل التلبيس أظهر في تغيير خلق الله؛ ذلك أنه لا يمكن تثبيت التاج على السن إلا بعد تحضير السن، ببرده وحفره لإيجاد مكان مناسب للتاج، وقد تقدم أن الوشر عبارة عن تحديد الأسنان وتحزيزها، فإذا كان ذلك في أعلى السن فإنه يؤدي إلى تقصير طوله بالبَرْد إلا أنه تقصير يسير، وليس كحفر جزء كبير من السن بالأجهزة الحديثة لتثبيت التاج».
وإذا كان البَّرْد اليسير محرماً، فإن الحفر الذي يذهب بأكثر السن أشد تحريما إذا لم يكن للعلاج وإزالة العيوب» وإنما يُجرى لمجرّد الزينة وزيادة التجمل" انتهى.
وينظر للفائدة ما سبق في جواب السؤال رقم: (21255)، ورقم: (69812).
والله أعلم.
تعليق