الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

خالعت زوجها وأخذت غرفة النوم عوضا عمَّا دفعته في تجهيز الشقة!

401921

تاريخ النشر : 10-07-2023

المشاهدات : 2105

السؤال

خلعت زوجي، وأعطيته المهر، وحينما ذهبت لاستلام العفش، فأخذت غرفة نوم كان قد اشتراها من ماله، وليست ضمن القائمة؛ كتعويض عن المال الذي دفعته في تجهيز شقته، ورفض أن يرده إلي، والمال الذي دفعته في تجهيز الشقة أضعاف قيمة غرفة النوم التي أخذتها، إضافة إلى إنني أعمل وأنفق على أولادي منه، فما يرسله من نفقة لأولاده زهيد جدا، لا يكفي احتياجاتهم. فهل علي إثم في أخذ هذه الغرفة عوضا رفضه أن يرد لي مال الذي دفعته في تجهيز الشقة؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا تم الخلع على أن تتنازل المرأة عن المهر، فلا حق لها فيما يسمى بالقائمة؛ لأنها من المهر، إلا إن استُثْنِيَتْ في الخلع، أو استثني العفش، فلم تتنازل عنه ولم يدخل في عوض الخلع؛ أو كان العفش قد أحضرته هي عند زواجها، أو اشترته بعد ذلك من مالها.

ثانيا:

المال الذي دفعته في تجهيز الشقة، إن كنت دفعته على سبيل القرض أو الشركة، فلك المطالبة به.

وإن كنت دفعته على سبيل الهبة والتبرع، فلا يحل لك الرجوع فيه؛ لما ما روى البخاري (2589)، ومسلم (1622) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ).

وفي رواية للبخاري (2622) (لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ، الَّذِي يَعُودُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ ).

وروى أبو داود (3539)، والترمذي (2132)، والنسائي (3690)، وابن ماجه (2377) عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ ، وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ ) والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود".

ويستثنى من ذلك: ما لو كنت وهبت له المال ليحسن عشرتك فلم يفعل.

وذلك أن من وهب هبة لغرض ولم يتحقق غرضه، فله الرجوع فيها، وتسمى هبة الثواب، والثواب هنا هو العوض؛ لما روى مالك في الموطأ (1477) أن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: (مَنْ وَهَبَ هِبَةً لِصِلَةِ رَحِمٍ أَوْ عَلَى وَجْهِ صَدَقَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِيهَا ، وَمَنْ وَهَبَ هِبَةً يَرَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ بِهَا الثَّوَابَ فَهُوَ عَلَى هِبَتِهِ يَرْجِعُ فِيهَا إِذَا لَمْ يُرْضَ مِنْهَا).

قال الألباني: " وهذا سند صحيح على شرط مسلم " انتهى من "إرواء الغليل" (6/55).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وهذا المنصوص [يعني : عن الإمام أحمد] جار على أصول المذهب الموافقة لأصول الشريعة، وهو أن كل من أُهدي أو وُهب له شيء بسببٍ، يثبت بثبوته، ويزول بزواله، ويحرم بحرمته، ويحل بحله ..." انتهى من "الفتاوى الكبرى" (5/ 472).

وقال في "شرح منتهى الإرادات" (2/437): " ولا يصح رجوع واهب في هبته بعد قبض، ولو نقوطا أو حمولة في نحو عرس، كما في الإقناع، للزومها به.

ويحرم الرجوع بعده. لحديث ابن عباس مرفوعا العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه متفق عليه .

وسواء عوض عنها أو لم يعوض، لأن الهبة المطلقة لا تقتضي ثوابا .

(إلا من وهبت زوجها) شيئا (بمسألته) إياها، (ثم ضرها بطلاق أو غيره) كتزويج عليها.

نقل أبو طالب: إذا وهبت له مهرها، فإن كان سألها ذلك، رده إليها، رضيت أو كرهت؛ لأنها لا تهب إلا مخافة غضبه أو إضرارا بأن يتزوج عليها. وإن لم يكن سألها وتبرعت به فهو جائز.

وغير الصداق كالصداق" انتهى.

ثالثا:

فإذا كان ما دفعته على سبيل الهبة المحضة، فلا رجوع لك فيها، ولا يحل لك أن تأخذي غرفة النوم عوضا عنها، كما أن تقصيره في النفقة لا يبيح لك ذلك، بل تطالبينه بتمام النفقة، أو ترجعين إلى المحكمة في ذلك.

وإذا كان ما دفعته على سبيل القرض أو الشركة في الشقة، وأبى أن يرده لك، ولم تجدي وسيلة لأخذ مالك بالتقاضي، وتمكنت من أخذ غرفة النوم، وكانت قيمتها لا تزيد على حقك، فلا حرج عليك، ويدخل ذلك في مسألة الظفر بالحق، وينظر شروط العمل بها في جواب السؤال رقم: (171676). 

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب