الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

إخفاء الفتاة عقم خطيبها عن أهلها

404026

تاريخ النشر : 22-12-2022

المشاهدات : 3983

السؤال

صديقتي خطبتني لأخيها، وأخبرتني أنه عقيم، وأنا موافقة على ذلك، ولكن هل يجوز التستر عليه بذلك أمام أهلي، ألا يكون لديهم علم بـأنه عقيم أم لا؟

الحمد لله.

أولا:

العقم عيب يبيح فسخ النكاح

العقم من العيوب التي تبيح الفسخ، على الراجح من كلام الفقهاء، فيلزم الخاطب أن يبين ذلك، فإن لم يبينه وعلمت به المرأة بعد العقد كان لها الفسخ.

فكل أمر ينفر أحد الزوجين من الآخر ، ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة والمودة ، فإنه عيب يوجب الخيار ، وهذا ما قرره ابن القيم رحمه الله ودلّل عليه ، ووافقه على ذلك بعض أهل العلم المعاصرين ومنهم الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، ورأى أن عدم الإنجاب عيب يوجب الخيار للزوج أو الزوجة.

قال رحمه الله: " والصواب أن العيب كل ما يفوت به مقصود النكاح، ولاشك أن من أهم مقاصد النكاح المتعة، والخدمة، والإنجاب، فإذا وجد ما يمنعها فهو عيب.

وعلى هذا؛ فلو وجدت الزوج عقيما، أو وجدها هي عقيمة فهو عيب " انتهى من "الشرح الممتع" (12/220).

ثانيا:

إذا رضيت المرأة بالزواج وهي عالمة بالعيب 

إذا تزوجت المرأة وهي عالمة بالعيب لم يكن لها الفسخ.

قال السرخسي الحنفي : " ولو تزوجت واحدا من هؤلاء [أي المجبوب أو الخصي أو العنين] وهي تعلم بحاله , فلا خيار لها فيه ؛ لأنها صارت راضية به حين أقدمت على العقد مع علمها بحاله , ولو رضيت به بعد العقد بأن قالت : رضيت سقط خيارها فكذلك إذا كانت عالمة به , ولا فرق في قولها رضيت بالمقام معه بين أن يكون عند السلطان أو غيره ; لأنه إسقاط لحقها . " انتهى من "المبسوط" (5/104).

وفي "المدونة" (2/144): " قلت: أرأيت إن تزوجتْ مجبوبا أو خصيا وهي تعلم ؟ قال : فلا خيار لها، كذلك قال مالك. قال: قال مالك : إذا تزوجت خصيا وهي لا تعلم فلها الخيار إذا علمت، فقول مالك إنها إذا علمت فلا خيار لها، قال : ولم أسمع من مالك فيه شيئا قال : ولم أسمع من مالك في العنين إذا تزوجها وهي تعلم أنه عنين شيئا ولكن هذا رأيي إن كانت علمت أنه عنين لا يقدر على الجماع رأسا، وأخبرها بذلك؛ فتزوجها على ذلك، على أنه لا يطأ: فلا خيار لها" انتهى.

وقال ابن قدامة رحمه الله: " ومن شرط ثبوت الخيار بهذه العيوب، أن لا يكون عالما بها وقت العقد، ولا يرضى بها بعده، فإن علم بها في العقد، أو بعده فرضي، فلا خيار له . لا نعلم فيه خلافا ; لأنه رضي به، فأشبه مشتري المعيب . وإن ظن العيب يسيرا فبان كثيرا , كمن ظن أن البرص في قليل من جسده، فبان في كثير منه، فلا خيار له أيضا؛ لأنه من جنس ما رضي به، وإن رضي بعيب، فبان به غيره، فله الخيار؛ لأنه وجد به عيبا لم يرض به، ولا بجنسه، فثبت له الخيار، كالمبيع إذا رضي بعيب فيه،فوجد به غيره، وإن رضي بعيب، فزاد بعد العقد، كأن به قليل من البرص، فانبسط في جلده، فلا خيار له؛ لأن رضاه به رضى بما يحدث منه " انتهى من "المغني" (7/142).

وقال في "كشاف القناع" (5/111): "( فإن كان ) أحد الزوجين الذي لا عيب به (عالماً بالعيب) في الآخر (وقت العقد) فلا خيار له (أو علم) بالعيب (بعده) أي بعد العقد (ورضي به) فلا خيار له، قال في المبدع بغير خلاف نعلمه؛ لأنه قد رضي به كمشتري المعيب" انتهى.

وينظر: "الموسوعة الفقهية" (29/69).

وإذا رضيت بذلك والحال أنها بالغة رشيدة، فهذا كافٍ، ولا يتوقف الأمر على معرفة وليها؛ لأن الحقّ لها.

هل يلزم المرأة إخبار وليها بعقم خطيبها؟

فإذا رضيت بالزواج مع علمك بعقم الخاطب، فهذا لك، ولا يلزمك إخبار وليك.

قال الشيخ زكريا الأنصاري، رحمه الله: " (فصل والكفاءة حق للمرأة والولي) واحدا كان أو جماعة مستوين في درجة (فلا بد مع رضاها بغير الكفء من رضا سائر الأولياء) ... " .

ثم قال: " ويستثنى مما ذكر ما لو كان عدم الكفاءة لجب أو عنة فيصح تزويجها من المجبوب والعنين برضاها وإن لم يرض الولي" انتهى، من "أسنى المطالب" (3/139).

وقال الدردير: " .. السلامة من العيب حق للمرأة فقط وليس للولي فيه كلام" انتهى، من "الشرح الكبير" (2/249).

لكن ينبغي أن تستشيري أهلك في ذلك، وتطلعي وليك على الحال، فهو خير لك ؛ فربما تعجلت في أمر تندمين عليه، وربما كان قبولك الآن إرضاء لصديقتك وعدم إدراك منك لحاجتك للأولاد.

وأما الذي ننصحك نحن به : فهو عدم الموافقة على هذا الخاطب .

روى أبو داود (2052) عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّى أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ، وَإِنَّهَا لاَ تَلِدُ، أَفَأَتَزَوَّجُهَا؟ قَالَ: (لاَ)، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: (تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ، فَإِنِّى مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب