الحمد لله.
رياضة كمال الأجسام أو بناء الأجسام تهدف إلى إعداد الجسم القوي الصحيح ، وهو هدف مطلوب مرغوب فيه .
وقد اهتم الإسلام بالإنسان روحاً وجسداً ، وشجع على أنواع من الرياضة يبنى بها الجسم ، وتحفظ بها الصحة، ويحصل بها الترويح والترفيه، كالسباحة ، والرماية ، وركوب الخيل ، والمبارزة ، والمصارعة.
إلا أن الإسلام عندما يقبل بالرياضة ويدعو لمزاولتها ، لا يجعلها غاية في نفسها، بل اعتبرها وسيلة لصيانة حرمات الدين وكرامة وحقوق المسلمين ؛ إيماناً منه بأن القوة من أهم أسباب النصر والتمكين في مواجهة التحديات وفي تعبيد العقبات التي تقف في وجه الإسلام .
فإذا كان الغرض من الرياضة هو إعداد الجسم ليكون صالحاً لأداء فريضة الجهاد قادراً على إعلاء كلمة الله فالرياضة مطلوبة . قال تعالى : " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل " الأنفال/60 . وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ) . رواه مسلم (6774) .
وإذا كان الغرض هو الترويح عن النفس ، والمحافظة على الصحة ، كانت الرياضة مباحة .
وإذا اشتملت على محرم كتضييع الصلاة ، أو كشف العورات أو اختلاط بالنساء ونحو ذلك كانت حراماً .
وقد دأب المشتغلون برياضة كمال الأجسام على كشف عوراتهم أثناء ممارسة اللعبة ، وهذا محرم من غير شك ، فعورة الرجل من السرة إلى الركبة ، ولا يجوز له كشفها أمام غير زوجته ، كما لا يجوز له أن ينظر إلى عورة غيره .
والأصل في ذلك قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ما بين السرة والركبة عورة " . قال الألباني في "إرواء الغليل" (271) : حديث حسن .
فإن خلت الرياضة من هذه المحاذير فلا حرج في ممارستها .
وينبغي التنبه إلى أمرين :
الأول :
أن بعض من يتجه لمثل هذه الرياضة إنما يدفعه إلى ذلك إعجابه بالنفس ومحبته للتكبر والافتخار والاستطالة على الناس بحسن جسمه وقوة عضلاته . . . ودوافع أخرى سيئة ، وبعضها أقبح من بعض . والواجب على المؤمن التنزه عن ذلك وأن يتحلى بحسن الخلق والتواضع والعدل .
الثاني :
أن المبالغة والغلو في تحسين الجسم والاهتمام به ليست أمرا محموداً ، وإنما يحمد من ذلك ما يحفظ على المسلم صحته ، ويعينه على إقامة الدين والجهاد في سبيل الله وأداء العبادات التي تحتاج إلى قوة جسمية كالحج .
وأما الزيادة والغلو في ذلك فإن الغالب أنه يشغل المسلم عما هو أهم ، كما هو واقع من يمارس كثيرا من أنواع الرياضة الآن ، فإنك تراه يتدرب يومياً الساعات الطوال .
وماذا يستفيد المسلم إذا كان جسمه قوياً مفتول العضلات ، كالثور وقلبه خاوٍ من الإيمان ومن كل فضيلة ؟!
نسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى ما فيه خيرنا وسعادتنا في الدنيا والآخرة .
راجع السؤال رقم (22963) .
هذا وصلى الله على نبينا محمد .
تعليق