الحمد لله.
إذا كان المسجد كبيرا، ودعت الحاجة إلى وضع هذا الحاجز ليتمكن المصلون في الصفوف الأول من الخروج من المسجد دون مرور بين يدي من خلفهم، فلا حرج في ذلك.
وأما إن كان المسجد صغيرا، فلا يفعل ذلك لما فيه من تضييق مساحة الصلاة.
والأصل عدم تغيير الوقف، وأن ساحة الصلاة تكون كلها للصلاة، إلا إن وجدت مصلحة راجحة، فيجوز تغيير الوقف حينئذ كوضع هذا الحاجز مع كبر المسجد واتساعه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"وَيَجُوزُ تَغْيِيرُ شَرْطِ الْوَاقِفِ إلَى مَا هُوَ أَصْلَحُ مِنْهُ وَإِنْ اخْتَلَفَ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ" انتهى من "الفتاوى الكبرى" (5/429).
وجاء في "مطالب أولي النهى" (4/376): " سئل الشيخ تقي الدين: فيمن بنى مسجداً لله، وأراد غيره أن يبني فوقه بيتاً وقفا له، إما لينتفع بأجرته في المسجد، أو ليسكنه لإمامه، ويرون ذلك مصلحة للإمام أو للمسجد، فهل يجوز ذلك أم لا؟
فأجاب: بأنه إذا كان مصلحةً للمسجد، بحيث يكون ذلك أعون على ما شرعه الله ورسوله فيه من الإمامه والجماعة، وغير ذلك مما شرع في المساجد؛ فإنه ينبغي فعله، كما نص على ذلك ونحوه غير واحد من الأئمة. حتى سئل الإمام أحمد عن مسجد لاصق بالأرض فأرادوا أن يرفعوه، ويبنوا تحته سقاية، وهناك شيوخ فقالوا: نحن لا نستطيع الصعود إليه؟ فقال أحمد: ينظر ما أجمع عليه أكثرهم.
ولعل ذلك أن تغيير صورة المسجد وغيره من الوقف لمصلحة راجحة: جائز، إذ ليس في المساجد ما هو معين بذاته، إلا البيت المعمور، وإلا المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، إذ هي من بناء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فكانت كالمنصوص عليه، بخلاف المساجد التي بناها غيرهم، فإن الأمر فيها يتبع المصلحة، ولكن المصلحة تختلف باختلاف الأعصار والأمصار" انتهى.
والله أعلم.
تعليق