الخميس 6 جمادى الأولى 1446 - 7 نوفمبر 2024
العربية

هل تأتي الحائض بأذكار الصلوات وهل تثاب على الصلاة أيام الحيض؟

407481

تاريخ النشر : 12-04-2023

المشاهدات : 6549

السؤال

عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من قال في دبر صلاة الفجر وهو ثان رجليه قبل أن يتكلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات، كتبت له عشر حسنات، ومحي عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكان يومه ذلك كله في حرز من كل مكروه، وحرس من الشيطان، ولم ينبغ لذنب أن يدركه في ذلك اليوم إلا الشرك بالله) الترمذي (3474)، بسند حسن صحيح. مثل هذه الأدعية التي تقال بعد الصلوات إذا كنت حائض متى أقولها، ومثل آية الكرسي من قرأها دبر كل صلاة دخل الجنة إذا مات، فإذا كنت حائض، ولا أصلي ولم أقرأها، هل لا أدخل الجنة إذا مت؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يشرع للحائض المحافظة على أذكار الصباح والمساء والنوم والدخول والخروج وغير ذلك، كما يشرع لها قراءة ما تحسنه من القرآن، عن ظهر قلب، من غير مس للمصحف؛ على الراجح.

وأما أذكار دبر الصلوات، فهي مرتبطة بالصلوات، فلا تشرع للحائض، ولا نعلم مستندا لإتيان الحائض بذلك، ولم نقف على من قال به، والأصل في العبادة التوقيف.

ثانيا:

حديث أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(مَنْ قرأَ آية الكُرسي دُبُرَ كلِّ صلاةٍ؛ لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت). قال المنذري: "رواه النسائي والطبراني بأسانيد أحدها صحيح"، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب".

وليس معنى الحديث: أن من لم يقرأها لم يدخل الجنة، فقد يدخلها بأعمال أخر؛ فما أكثر الأعمال التي تدخل الجنة.

ثالثا:

ذهب بعض أهل العلم إلى أن الحائض تثاب أيام حيضها عما تركته من العبادة التي كانت تواظب عليها؛ لأنها في حكم المريض والمسافر ومن منعه العذر.

وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، رحمه الله، عن هذه المسألة، فقال:

" ما هو بعيد، ظاهر الأدلة على ذلك؛ إذا علم الله مِنْ قلبها أنها لولا الحيض لصلت؛ لها أجر المصلين.

مثل: ( إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمله وهو صحيح مقيم ).

ومثل قوله في الصحابة الذين تخلفوا يوم تبوك: ( ما سلكتم واديًا ولا قطعتم شعبًا إلا وهم معكم ) ، وفي اللفظ الآخر: ( إلا شركوكم في الأجر؛ حبسهم العذر ).

فإذا علم الله من قلب الحائض، والنفساء أنه ما منعها إلا هذا؛ فيرجى لها الأجر الكامل.

س: حديث: ناقصات دين.

الشيخ: حديث ناقصات عقل ودين ثابت، لكن ما يَمْنَع. " انتهى.

وذهب آخرون إلى أنها لا تثاب على ذلك، لكن تثاب على امتثالها للشرع بترك الصلاة ونحوها، وأنها ليست كالمريض؛ فإن المريض لا يوصف بنقص الدين كما وصفت.

قال النووي رحمه الله في شرح حديث (وَمَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ) رواه البخاري (304)، ومسلم (79):

"من نقصت عبادته: نقص دينه.

ثم نقص الدين قد يكون على وجه يأثم به، كمن ترك الصلاة أو الصوم أو غيرهما من العبادات الواجبة عليه بلا عذر، وقد يكون على وجه لا إثم فيه كمن ترك الجمعة أو الغزو أو غير ذلك مما لا يجب عليه لعذر، وقد يكون على وجه هو مكلف به كترك الحائض الصلاة والصوم.

فإن قيل: فإن كانت معذورة، فهل تثاب على الصلاة في زمن الحيض، وإن كانت لا تقضيها، كما يثاب المريض والمسافر، ويكتب له في مرضه وسفره مثل نوافل الصلوات التي كان يفعلها في صحته وحضره؟

فالجواب: أن ظاهر هذا الحديث أنها لا تثاب.

والفرق: أن المريض والمسافر كان يفعلها بنية الدوام عليها، مع أهليته لها، والحائض ليست كذلك، بل نيتها ترك الصلاة في زمن الحيض، بل يحرم عليها نية الصلاة في زمن الحيض، فنظيرها مسافر أو مريض كان يصلي النافلة في وقت ويترك في وقت غير ناو الدوام عليها، فهذا لا يكتب له في سفره ومرضه في الزمن الذى لم يكن يتنفل فيه، والله أعلم" انتهى من "شرح مسلم" (2/68).

ونقله الحافظ ابن حجر في "الفتح" (1/407)، وقال: " وعندي في كون هذا الفرق مستلزما لكونها لا تثاب وقفة" انتهى.

وقال ابن مفلح في "الفروع" (1/353): " ويتوجه أن وصفه لها عليه السلام بنقصان الدين بترك الصلاة زمن الحيض، يقتضي أن لا تثاب عليها، أو لأن نيتها تركها زمن الحيض، وفضل الله يؤتيه من يشاء، بخلاف المريض والمسافر" انتهى.

وقال الشيخ أبو عمر الدبيان في "موسوعة الطهارة" (7/151): " والذي يظهر - والله أعلم - أنها لا تعطى ثواب المصلي؛ وفرق بينها وبين المريض؛ لأن المريض مكلف بالأداء لولا العجز، ولذلك لو تحامل على نفسه وصلى، قبلت صلاته، ولم يفعل محرماً، بينما الحائض ليست مكلفة في أداء الصلاة، أرأيت الإنسان حين لا يصلي عند طلوع الشمس وعند غروبها، لا يقال: يعطى ثواب المصلي؛ لأنه إنما منع من قبل الشرع.

نعم تثاب على كونها التزمت ذلك النهي من الشارع ثواب امتثال، لا ثواب أداء للصلاة، والله أعلم" انتهى.

وما ذكر من أنها تثاب على امتثالها للشرع، وامتناعها عن الصلاة في حيضها، طاعة لأمر الله، لا هوى، ولا استراحة، ولا متابعة لطبع النفس: فظاهر، لا إشكال فيه.

جاء قي "حاشية قليوبي" (1/ 114): " وتثاب الحائض على ترك ما حرم عليها إذا قصدت امتثال الشارع في تركه، لا على العزم على الفعل لولا الحيض، بخلاف المريض؛ لأنه أهلٌ لما عزم عليه حالة عزمه" انتهى.

والحاصل:

أن الحائض لا تشرع لها الصلاة ولا الأذكار المرتبطة بها، وتؤجر بامتثالها.

وأما هل تؤجر على نفس الصلاة التي تركتها لأجل العذر، إذا كانت محافظة عليها في وقت طهرها: المسألة محتملة، وليست من القطعيات، والفضائل لا تثبت بنظر ولا قياس؛ وفضل الله واسع.

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب