الحمد لله.
أولا:
أهل مكة ليس عليهم أن يطوفوا للوداع؛ لأن الطواف وجب توديعا للبيت، وهذا المعنى لا يوجد في أهل مكة لأنها وطنهم.
قال ابن قدامة رحمه الله: "من كان منزله في الحرم: فهو كالمكي , لا وداع عليه " انتهى من "المغني" (3/237).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :"ولهذا لم يكن على أهل مكة طواف قدوم ، ولا طواف وداع ؛ لانتفاء معنى ذلك في حقهم ، فإنهم ليسوا بقادمين إليها ، ولا مودعين لها ، ما داموا فيها " انتهى من "مجموع الفتاوى" (26/261).
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: " ليس على أهل مكة طواف وداع " انتهى من "مجموع الفتاوى" (17/393).
لكن إذا أراد شخص من أهل مكة أن يسافر منها بعد أداء المناسك فإنه يلزمه طواف الوداع قبل الخروج من مكة.
قال النووي رحمه الله: " قال أصحابنا: من فرغ من مناسكه ، وأراد المقام بمكة، ليس عليه طواف الوداع، وهذا لا خلاف فيه، سواء كان من أهلها، أو غريبا.
وإن أراد الخروج من مكة إلى وطنه أو غيره طاف للوداع " انتهى من "المجموع" (8/254).
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " هل على المكي طواف وداع إذا غادر مكة، لتوصيل الحجاج إلى جدة بسيارته؟
فأجاب: نعم نعم، من خرج من أهل مكة وهو حاج يطوف للوداع، والجالس ما عليه وداع".
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " إذا كان الرجل من أهل مكة ، وحج وسافر بعد الحج ، فليطف للوداع ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا ينفرن أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت ) مسلم 1327 ، وهذا عام ، فنقول لهذا المكي : ما دمت سافرت في أيام الحج ، وقد حججت ، فلا تسافر حتى تطوف" انتهى من "الفتاوى" (23/339).
فكان عليك أن تودع قبل خروجك إلى جدة.
ثانيا:
من ترك الوداع لزمه دم.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وقوله: "وإن تركه غير حائض رجع إليه":
ظاهره: وجوب الرجوع، قرُب أم بعد، ما لم يشق، وأنه إذا رجع ولو من بعيد: سقط عنه الدم، لكن المذهب أنه إذا جاوز مسافة القصر: استقر عليه الدم، سواء رجع أو لم يرجع، وكذلك لو وصل إلى بلده، فإن الدم يستقر عليه، سواء رجع أم لم يرجع.
وعلى هذا فأهل جدة: لو خرجوا إلى جدة قبل طواف الوداع، ثم رجعوا بعد أن خف الزحام، وطافوا؛ فإن الدم لا يسقط عنهم؛ لأنه استقر بمسافة القصر، أو بوصوله إلى بلده، حتى ولو فرض أن أناسا من بلد دون جدة كأهل بحرة، وصلوا إلى بلدهم استقر عليهم الدم" انتهى من "الشرح الممتع" (7/367).
وعلى ذلك؛ فعليك دم تذبحه في مكة ويوزع على فقرائها.
وينظر جواب السؤال (41894)
والله أعلم.
تعليق