الحمد لله.
ينبغي أن ينظر في عمل أخويك في الأرض، وما يأخذان منها؟ هل تم الاتفاق على أن تكون شراكة بينهم مقابل جزء من المحصول، أو على أن يكون التقاسم في سنة دون أخرى، أو لم يتفقوا على شيء، وهل هما حينئذ متبرعان بالعمل أم لا؟
وقد ذكرت أن الوالد كان في مرة يأخذ نصيبه من المحصول، وهذا يعني أنه يعطيهم نصيبا في هذه المرة.
فإن كان ثم اتفاق على أن له النصف مثلا، ولهما النصف، عُمل به في هذا المحصول، ولا يعطَيان المحصول كاملا؛ لأن الظاهر أن هذا تبرع من الوالد؛ إلا أن يكون هناك اتفاق واضح على ذلك.
وإن لم يكن اتفاق بينهما وبين الوالد من الأصل على شيء، لكنها ليسا متبرعين، بل يعملان مقابل ما يأتيهما من المحصول: فإنهما يعطيان سهم المثل، كما يعطاه من يعمل في أرض غيره.
والأصل في ذلك أن من عمل في مال غيره، ولم يكن متبرعا، أن له سهم المثل.
وقد روى مالك في "الموطأ" (1372) عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال: خرج عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب في جيش إلى العراق فلما قفلا مرا على أبي موسى الأشعري , وهو أمير البصرة فرحب بهما وسهل , ثم قال لو أقدر لكما على أمر أنفعكما به لفعلت , ثم قال بلى هاهنا مال من مال الله، أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين فأسلفكماه، فتبتاعان به متاعا من متاع العراق , ثم تبيعانه بالمدينة ، فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين ، ويكون الربح لكما ؟ فقالا وددنا ذلك . ففعل ، وكتب إلى عمر بن الخطاب أن يأخذ منهما المال ، فلما قدما باعا فأربحا، فلما دفعا ذلك إلى عمر قال : أكُلَّ الجيش أسلفه مثل ما أسلفكما؟
قالا: لا. فقال عمر بن الخطاب: ابنا أمير المؤمنين؛ فأسلفكما!! أدِّيا المال، وربحه.
فأما عبد الله فسكت ، وأما عبيد الله فقال : ما ينبغي لك يا أمير المؤمنين هذا , لو نقص المال أو هلك لضَمِنَّاه.
فقال عمر: أدياه .
فسكت عبد الله ، وراجعه عبيد الله .
فقال رجل من جلساء عمر: يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضا [أي مضاربة] ؟
فقال عمر: قد جعلته قراضا، فأخذ عمر رأس المال ، ونصف ربحه، وأخذ عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب نصف ربح المال".
ثم لكم بعد ذلك: بيع الأرض ، أو تقسيمها ، أو الاتفاق على أن يعملا فيها بأجرة ، أو بجزء من الخارج منها.
والله أعلم.
تعليق