الحمد لله.
أولا:
ما يُفعل في عاشوراء من الضرب واللطم وتوزيع الطعام وغيره: منكر ظاهر، وبدعة قبيحة؛ إذ لا يشرع إقامة عزاء سنوي لموت أحد، كما لا يشرع احتفال لميلاد أحد، بل ذلك من البدع والمحدثات والتشبه بأعداء الله، فكيف إذا انضم إليه المنكرات المعلومة من الضرب واللطم، وحكاية القصص المكذوبة، والطعن في أهل السنة، وتجاوز ذلك إلى دعاء الحسين وفاطمة رضي الله عنهما.
ولهذا تحرم المشاركة في هذا العزاء بجميع صور المشاركة، ومنها حضور ولائمهم في هذا اليوم فإن هذا من المشاركة في شعائر البدعة.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : "هذا منكر شنيع وبدعة منكرة، يجب تركه، ولا تجوز المشاركة فيه، ولا يجوز الأكل مما يقدم فيه من الطعام؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم من أهل البيت وغيرهم لم يفعلوه، وقد قال عليه الصلاة والسلام: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ، متفق على صحته، وقال عليه الصلاة والسلام: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد أخرجه مسلم في صحيحه، وعلقه البخاري رحمه الله في صحيحه جازما به. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
أما الاستغاثة بالأموات وأهل البيت: فذلك من الشرك الأكبر، بإجماع أهل العلم؛ لقول الله سبحانه: (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ) ، وقال عز وجل: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)، وقال سبحانه: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ)، وقال سبحانه: (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: الدعاء هو العبادة ، أخرجه أهل السنن الأربع بإسناد صحيح، وروى مسلم في صحيحه، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن من ذبح لغير الله ..." انتهى من "فتاوى الشيخ عبد العزيز ابن باز" (8/320).
ثانيا:
أما من أهدي إليه طعام أو حلوى في هذا اليوم، ولم يشارك في شيء من أعمالهم ولم يحضر مجالسهم، ولم يهنئهم أو يعزيهم، فلا حرج أن يأكل منه إذا لم يكن ذبيحة ذبحت لغير الله.
وقد قبل جماعة من الصحابة رضي الله عنهم هدايا المجوس في عيدهم، فدل على أن البدعة لا أثر لها في المنع من قبول الهدية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وأما قبول الهدية منهم يوم عيدهم: فقد قدمنا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه أتي بهدية النيروز، فقبلها.
وروى ابن أبي شيبة .. أن امرأة سألت عائشة قالت : إن لنا أظآرا [جمع ظِئْر، وهي المرضع] من المجوس، وإنه يكون لهم العيد فيهدون لنا ، فقالت: أما ما ذبح لذلك اليوم فلا تأكلوا، ولكن كلوا من أشجارهم.
وعن أبي برزة أنه كان له سكان مجوس فكانوا يهدون له في النيروز والمهرجان، فكان يقول لأهله: ما كان من فاكهة فكلوه، وما كان من غير ذلك فردوه.
فهذا كله يدل على أنه لا تأثير للعيد في المنع من قبول هديتهم، بل حكمها في العيد وغيره سواء؛ لأنه ليس في ذلك إعانة لهم على شعائر كفرهم" انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (1/251).
والله أعلم.
تعليق