الحمد لله.
أولًا:
بشكل عام وبقطع النظر عن الاحتمالات التي يمكن أن تتسبب فيما يحدث لك، فلابد أن تعلم أن ما يحدث لك هو نوع من الابتلاء، ويستحسن أن تكتم أمره إلا عن شخص واحد على الأكثر تثق به، وذلك حتى لا يُساء بك الظن، أو يقدح الناس في اتزانك، واسأل الله في صلاتك أن يهديك للصواب، وأن يكتب لك الخير كله، وأن يرد عنك كيد الشيطان، وينجيك من الفتن، ما ظهر منها وما بطن.
ثانيًا:
في مثل هذه الأحوال أخي الكريم لدينا ثلاثة احتمالات:
الاحتمال الأول: أن يكون نوعًا من الهلوسات، يسببه بعض الأمراض النفسية، وأنت تنتقي من الوقائع ما يدعم هذه الهلوسات، بينما لو دققت جيدًا ستجد كثيرًا منها لا يؤيد بالواقع.
الاحتمال الثاني: أن يكون وسوسة من الشيطان، وتلعبًا منه، يغرك به ليفسد أمرك.
الاحتمال الثالث: أن يكون نوعًا من الإلهام الإلهي يمن الله عليك به.
ومن طرق الترجيح في هذه الحالات زيارة طبيب نفسي يكتب لك بعض الأدوية التي توقف الهلوسات، فلو توقفت تيقنا أن ما يحدث معك هو نوع من الهلوسة، لكن لا تفعل هذه الخطوة طالما لم تصل هذه الخواطر لدرجة أصوات تظن سماعها، أو لدرجة تعطل حياتك وفاعليتك اليومية.
ثالثًا:
طريق الفصل بين الاحتمال الثاني والثالث هو أن تنظر: فإن كان في هذه الخواطر ما يوقعك في ضرر، أو يحملك على معصية أو يصدك عن باب خير، أو يدفعك إلى سوء ظن أو يصيبك بسببه عجب أو كبر أو غرور؛ فلا شك أن هذه الخواطر من كيد الشيطان وخداعه، فكلما أتتك استعذ بالله من الشيطان الرجيم، وألح على الله في الدعاء والاستعاذة والاستعانة.
رابعًا:
لو لم يكن في هذه الخواطر شيء مما سبق فيبقى الاحتمال الآخر-ولا نقطع به-أن يكون هذا من توفيق الله وإلهامه لك، ويفعل الله سبحانه هذا كنوع من النعمة والبركة على المؤمن، ليس بالضرورة لقوة إيمانه، وإنما لتثبيته والتفضل عليه، والنظر هل يشكر العبد نعمته ويضعها موضعها أم لا.
ولا يجوز لك العمل بهذه الإلهامات في حق غيرك بلا دليل يعضدها، ففي واقعة زوجتك وولدك: مثلا لابد أن تستدعي الفريق الطبي ليقول كلمته، قبل دخولك وقيامك بالرقية فلا تكتفي بعمل نفسك فقط.
يقول أبو المظفر السمعاني: "واعلم أن إنكار أصل الإلهام لا يجوز، ويجوز أن يفعل الله تعالى بعبدٍ بلطفه كرامة له.
ونقول في التمييز بين الحق والباطل من ذلك: أن كل من استقام على شرع النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن في الكتاب والسنة ما يرده، فهو مقبول، وكل ما لا يستقيم على شرع النبي صلى الله عليه وسلم فهو مردود، ويكون ذلك من تسويلات النفس ووساوس الشيطان، ويجب رده، على أنَّا لا ننكر زيادة نور الله تعالى كرامةً للعبد". انتهى، من "قواطع الأدلة" (2/352).
وانظر جواب السؤال رقم (242282)، والسؤال رقم: (12778).
والله أعلم.
تعليق