الجمعة 7 جمادى الأولى 1446 - 8 نوفمبر 2024
العربية

تحسين وتنشيط أعضاء الجسم في مرحلة الشيخوخة هل يعارض حديث (إلا الهرم)؟

427015

تاريخ النشر : 19-07-2023

المشاهدات : 4139

السؤال

أدرس حاليا ماجستير التكنولوجيا الحيوية بإحدى الجامعات الأوروبية المرموقة، بتوفيق من الله تميزت في هذا المجال لدرجة أن عُرض علي الانضمام لفريق بحث أثناء السلك الحالي بمثابة دكتوراة مسبقة، وهي فرصة نادرا ما تعطى إلا للطلبة الأكفاء، ولذا سعدت بادئ الأمر، الإشكال هو نوع البحث، الذي يندرج تحت موضوع "برمجة الخلايا"، ومن أهدافه الأخيرة "إعادة الشباب" للإنسان، بتنشيط أعضاء الجسم عن طريق تقنيات لإعادة ضبط الذاكرة الخلوية، وقد نجحت بعض التجارب الأولية، أذكر منها تحسن رؤية فئران طاعنة في السن  وفروها بعد تعديل قرنيات أعينها، وجلدها، و سبب حيرتي أولا حديث رسول الله حين سألته مجموعة في ما معناه هل يجب التداوي، فأجابهم بإيجاب، وأن لكل داء دواء إلا الهرم أو الشيخوخة، و ثانيا العقبات العلمية العديدة التي لا يعرفها إلا المتخصص، و أنا لِما ذكرت أقرب لرفض العرض من القبول، إذ ما الحاجة من البحث في أمر كان محكوما بالاستحالة من البداية ؟

الجواب

الحمد لله.

أولًا:

نسأل الله لك دوام الرفعة والتوفيق، فوجود مثلك من المسلمين الحريصين على دينهم، في مثل هذه المواقع البحثية المرموقة، يعد خيرًا وتمكينًا أجراه الله على يديك، فدين الإسلام دين علم وحضارة ومعرفة، وليس دينًا متقوقعًا أو مهزومًا، أو يخشى على نفسه من العلم والتطور؛ لأنه دين حق وثيق، ولا يمكن أن يتعارض الكون المشهود وحقائقه مع الوحي المنزل وحقائقه.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ما عُلم بصريح العقل لا يتصور أن يعارضه الشرع البتة بل المنقول الصحيح لا يعارضه معقول صريح قط. وقد تأملت ذلك في عامة ما تنازع الناس فيه فوجدت ما خالف النصوص الصحيحة الصريحة شبهات فاسدة يعلم بالعقل بطلانها بل يعلم بالعقل ثبوت نقيضها الموفق للشرع. وهذا تأملته في مسائل الأصول الكبار كمسائل التوحيد والصفات ومسائل القدر والنبوات والمعاد وغير ذلك ووجدت ما يعلم بصريح العقل لم يخالفه سمع قط" انتهى، من "درء تعارض العقل والنقل" (1/154).

ويقول الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: "الاشتغال بالعلوم الدنيوية التي تنفع المسلمين إن كان لله؛ أُجِرَ عليها، مع فائدتها العظيمة، وإن كان يتعلَّمها للدنيا ليستفيد في دنياه فهذا مباحٌ ولا يضرُّه ذلك." انتهى، من "موقع العلامة ابن باز".

ثانيًا:

عن أسامة بن شريك رضي الله عنه قال : قالت الأعراب يا رسول الله ألا نتداوى؟

قال: "تداووا، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء إلا داء واحد"

قالوا: يا رسول الله وما هو؟

قال: "الهرم".

أخرجه الترمذي (1961) وقال: "هذا حديث حسن صحيح".

وَعَنْه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ مَعَهُ شِفَاءً، إِلَّا الْمَوْتَ وَالْهَرَمَ". أخرجه أحمد في المسند (18455).

فالشيخوخة بكامل تفاصيلها، والتي منها الموت لا دواء لها، أي لا دواء يمنع الإنسان من وصول تلك المراحل.

أما دخول تحسينات نسبية على بعض مظاهر الشيخوخة، وعلى بعض وظائف الأعضاء المعتلة، فلا يتنافى هذا مع الحديث؛ لأن هذه التحسينات لها أجل سيعقبه الموت في النهاية، فالقلب يشيخ ويمكننا أن نستدرك ذلك بزراعة قلب مثلًا، وهذا الاستدراك ليس دواء للشيخوخة، لأنها ستعود وسيشيخ هذا القلب الجديد ثم يموت الإنسان، وبالتالي فلا يوجد دواء للهرم، يشفي منه بالكلية، ويقطع عائدته، ويمنع غائلته، كما لا الموت؛ بمعنى أن مآل الإنسان هو إلى هذه المرحلة، مهما أخرها، أو حسن بعض وظائفها لمرحلة من الزمن.

والحاصل:

أن نصيحتنا لك ألا تتردد في قبول هذه الفرصة المهنية والعلمية، ترددًا يكون نابعًا من ظنك أنها تعارض الوحي، فالوحي المحكم الصحيح لن يتعارض مع أية حقيقة علمية محكمة تصح، اطمئن من هذه الناحية.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب