الحمد لله.
أولا:
أباح الشارع رؤية المخطوبة، ودعا إليه، ليكونا على بصيرة من أمرهما، فعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ خَطَبَ امْرَأَةً فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (انْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا).
رواه الترمذي (1087)، وابن ماجه (1865)، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".
وقوله: (أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا): أي: أَحْرَى أَنْ تَدُومَ الْمَوَدَّةُ بَيْنَكُمَا.
وروى أبو داود (2082) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ، فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ).
قَالَ: فَخَطَبْتُ جَارِيَةً، فَكُنْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا، حَتَّى رَأَيْتُ مِنْهَا مَا دَعَانِي إِلَى نِكَاحِهَا وَتَزَوُّجِهَا؛ فَتَزَوَّجْتُهَا".
والحديث حسنه الألباني في "صحيح أبي داود".
قال النووي رحمه الله: " إذا رغب في نكاحها: استُحب أن ينظر إليها لئلا يندم.
وفي وجه: لا يستحب هذا النظر، بل هو مباح.
والصحيح الأول؛ للأحاديث.
ويجوز تكرير هذا النظر ليتبين هيئتها، وسواء النظر بإذنها، وبغير إذنها.
فإن لم يتيسر النظر، بعث امرأة تتأملها، وتصفها له " انتهى من "روضة الطالبين" (7/19).
ولا شك أن الصورة لا تقوم مقام الرؤية في ذلك، وقد يحصل في الصورة تزيين وتجميل.
ثانيا:
يصح النكاح دون رؤية، ولا خيار لأحدهما لو جاء الطرف الآخر على غير ما وصف؛ لأنه هو الذي فرط في ذلك.
ثالثا:
النصيحة لأختك أن تتريث في طلب الطلاق، وأن تنظر في حال الزوج، وصفاته وأخلاقه، وسائر أمره، فقد ترضى به، وقد يكون أفضل مما ظنت، فلا ينبغي أن تتخذ قرارها بناء على اختلاف صورته عما كان في ظنها.
فإن كرهت الاستمرار معه، جاز لها طلب الطلاق.
فإن طلقها؛ فالأصل أن يعطيها نصف المهر، ما دام لم يدخل لها.
وله أن يأبى طلاقها، ويلجئها للخلع للتنازل عن المهر، أو يطلقها على شرط إبرائه من المهر، وذلك يحل له؛ إذا كان لم يتعمد غشها والتدليس عليها في الصورة.
فإن تعمد ذلك، حرم عليه إلجاؤها للخلع، ولزمه أن يطلقها إذا كرهت البقاء معه.
قال ابن عبد البر رحمه الله: " وأجمع العلماء على إجازة الخلع بالصداق الذي أصدقها؛ إذا لم يكن مضرا بها، وخافا ألا يقيما حدود الله ...
فإذا كان النشوز من قبلها: جاز للزوج ما أخذ منها بالخلع، وإن كان أكثر من الصداق، إذا رضيت بذلك، وكان لم يضر بها.
فإن كان لخوف ضرره، أو لظلم ظلمها، أو أضر بها: لم يجز له أخذه، وإن أخذ شيئا منها على هذا الوجه ردّه، ومضى الخلع عليه" انتهى من "التمهيد" (23/368).
رابعا:
إذا تم الطلاق، فللزوجة نصف المهر.
وأما الهدايا: فللزوج الرجوع فيها؛ لأن الطلاق جاء من قبلها، وهو إنما أهداها لتدوم العشرة، ما لم يكن دلس عليها، فلا رجوع في الهبة، لأنه المتسبب في الطلاق حقيقة بتدليسها، والأصل تحريم الرجوع في الهبة.
روى مالك في "الموطأ" (1477) أن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: " مَنْ وَهَبَ هِبَةً لِصِلَةِ رَحِمٍ أَوْ عَلَى وَجْهِ صَدَقَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِيهَا، وَمَنْ وَهَبَ هِبَةً يَرَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ بِهَا الثَّوَابَ، فَهُوَ عَلَى هِبَتِهِ [أي العوض]، يَرْجِعُ فِيهَا إِذَا لَمْ يُرْضَ مِنْهَا ".
قال الألباني: " وهذا سند صحيح على شرط مسلم " انتهى من "إرواء الغليل" (6/55).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وهذا المنصوص جار على أصول المذهب الموافقة لأصول الشريعة، وهو أن كل من أُهدي أو وُهب له شيء بسببٍ: يثبت بثبوته، ويزول بزواله، ويحرم بحرمته، ويحل بحله ...
ولو كانت الهدية قبل العقد، وقد وعدوه بالنكاح، فزوجوا غيره: رجع بها.
والنقد المقدم: محسوب من الصداق، وإن لم يكتب في الصداق، إذا تواطئوا عليه - أي إذا اتفقوا على أنه من الصداق (المهر)- . انتهى من "الفتاوى الكبرى" (5/ 472).
وإذا تم الخلع، فهو بحسب ما يتفقان عليه، فقد يتم الاتفاق على رد المهر الهدايا، أو على ترك الهدايا.
وينظر: جواب السؤال رقم: (193347).
والله أعلم.
تعليق