الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

لماذا لا يظهر نقصان الطعام، إذا كان الشيطان يأكل مع من لم يسمّ؟

434768

تاريخ النشر : 15-04-2023

المشاهدات : 6408

السؤال

بخصوص قول البسملة قبل الأكل، إذا لم نقل باسم الله، فكيف لا ينقص الطعام إذا كان الشيطان يأكل معنا؟

الجواب

الحمد لله.

قد ثبت ما يدل على مشاركة الشيطان للإنسان في طعامه، إذا لم يذكر الله عليه.

روى مسلم (2017) عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: "كُنَّا إِذَا حَضَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا، لَمْ نَضَعْ أَيْدِيَنَا حَتَّى يَبْدَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَضَعَ يَدَهُ، وَإِنَّا حَضَرْنَا مَعَهُ مَرَّةً طَعَامًا، فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ كَأَنَّهَا تُدْفَعُ، فَذَهَبَتْ لِتَضَعَ يَدَهَا فِي الطَّعَامِ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهَا، ثُمَّ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ كَأَنَّمَا يُدْفَعُ فَأَخَذَ بِيَدِهِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ أَنْ لَا يُذْكَرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ جَاءَ بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ لِيَسْتَحِلَّ بِهَا، فَأَخَذْتُ بِيَدِهَا، فَجَاءَ بِهَذَا الْأَعْرَابِيِّ لِيَسْتَحِلَّ بِهِ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ يَدَهُ فِي يَدِي مَعَ يَدِهَا ).

وروى (2018) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا مَبِيتَ لَكُمْ، وَلَا عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ، فَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ ).

وروى (2033) عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

( إِنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ أَحَدَكُمْ عِنْدَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ شَأْنِهِ، حَتَّى يَحْضُرَهُ عِنْدَ طَعَامِهِ، فَإِذَا سَقَطَتْ مِنْ أَحَدِكُمُ اللُّقْمَةُ، فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى، ثُمَّ لِيَأْكُلْهَا، وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ، فَإِذَا فَرَغَ فَلْيَلْعَقْ أَصَابِعَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ تَكُونُ الْبَرَكَةُ ).

قال النووي رحمه الله تعالى:

" قوله صلى الله عليه وسلم (إن الشيطان يستحل الطعام ألا يذكر اسم الله تعالى عليه): معنى يستحل: يتمكن من أكله، ومعناه: أنه يتمكن من أكل الطعام إذا شرع فيه إنسان بغير ذكر الله تعالى...

ثم الصواب الذي عليه جماهير العلماء من السلف والخلف من المحدثين والفقهاء والمتكلمين: أن هذا الحديث وشبهه من الأحاديث الواردة في أكل الشيطان محمولة على ظواهرها، وأن الشيطان يأكل حقيقة، إذ العقل لا يحيله، والشرع لم ينكره، بل أثبته، فوجب قبوله واعتقاده. والله أعلم " انتهى. "شرح صحيح مسلم" (13 / 189 – 190).

فإذا تبيّن هذا، فلا يصح أن يتعمق المسلم في البحث والسؤال: كيف لا ينقص الطعام ونحوه، لأن كيفية أكل الشيطان وصفة ذلك مغيّب عنا، فلا نتكلف البحث في أمر لا يدرك بالعقل ولم يخبرنا بكيفيته الوحي.

قال إسحاق بن راهويه رحمه الله تعالى:

" لا يجوز التّفكّر في الخالق، ويجوز للعباد أن يتفكّروا في المخلوقين بما سمعوا فيهم، ولا يزيدون على ذلك، لأنّهم إن فعلوا تاهوا... قَالَ اللَّهُ: ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ).

فكيف يجوز لخلق أن يخوض في التسبيح من الشجب والأشياء المعمولة! فيخوضوا كيف تسبح القصاع، والأجوبة، والخبز المخبوز، والثياب المنسوجة؟ وكل هذا قد صح فيه العلم أنهم يسبحون، فذلك إلى الله أن يجعل تسبيحهم كيف شاء وكما شاء، وليس للناس أن يخوضوا في ذلك إلا بما علموا، ولا يتكلموا في هذا وشبهه إلا بما أمر الله، ولا يزيدون على ذلك، والله الموفق، وعليه التوكل، فاتقوا الله، ولا تخوضوا في هذه الأشياء المتشابهة، فإنه يردكم الخوض فيه عن سنن الحق " انتهى. من "مسائل حرب الكرماني" (3 / 1154).

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب