الحمد لله.
بعد التأمل في سؤالك نجد أن فيه عدة جوانب نفسية واجتماعية، ونشير بالآتي:
أولاً:
خيار طالب الطب القادم من كندا تكتنفه عدة إشكالات، وإن كان أوفق من حيث المظهر الاجتماعي، وليست كل المظاهر جالبة للسعادة؛ بل أحياناً العكس من ذلك.
ومن هذه الإشكالات:
- أن هذا الشخص لا تعرفين ماضيه وأخلاقه، فلا تدرين ما يظهر لكِ.
- أن فكرة دراستك في تلك البلاد في الأجواء المختلطة إلى حد الإسفاف لا نراها جائزة بحال، فالدراسة إذا خلت من المحاذير الشرعية فالأمر واسع، وأما إن صاحبها شيء من تلك المحذورات فلا يجوز أن تنتهك المحرمات المصاحبة للدراسة من أجل الوظيفة، وتحصيل الشهادات العليا. ولن تستطيعي المحافظة على حجابك التام في ظل الدراسة في تلك البلاد، إذ تُقيّم التي ترتدي النقاب في القطاع الطبي بأنها غير قادرة للتعايش مع المجتمع، وخاصة في سنوات التطبيق العملي، مع لزوم المكث في المستشفيات وصحبة الأطباء والطلبة في بيئة لا تجعل أي حدود للعلاقة بين الجنسين.
- البيئة في تلك البلاد ضاغطة، وكم وقفنا على حالات مؤلمة لصالحات حافظات غادرن إلى كندا والسويد ونحوها، فتغير دينهن وسلوكهن، وأصبحن بأفكار منحرفة، وسلوكيات صادمة.
- أنّ فكرة العودة إلى البلاد الإسلامية غير واردة -حسب اطلاعنا على ما لا يحصى من الحالات-؛ بل يكاد الأمر أن يكون قطعياً.
- تربية الأولاد في تلك البلاد أمر في غاية الصعوبة والتحدي، وخاصة مع الانظمة الجديدة في كندا التي تلقن الطفل من سن السابعة، مسألة الشذوذ والتغير الجنسي، وتحجز الوالدين عن أي تدخل أو توجيه في ذلك؛ بل تعرضه للعقوبة بمجرد أن يشير على ولده بالأسلم والأفضل، وحالات الآباء مع الأولاد هناك مبكية وصادمة، فلماذا المغامرة بديننا وأبنائنا، ومن أجل ماذا؟!
ثانياً:
اختيارك وتطلعك لتكوني طبيبة تساعدين الناس أمر تحمدين عليه، ولكنه ليس رسالتك الأولى، ومجال مساعدة الناس وخدمتهم لا تقف عليه، فالمجالات رحبة جداً في هذا الباب. وليكن حاضرا لديك أنّ هذه المهنة مجهدة جداً، ويندر معها -إذا لم يستحيل- أن تستطيع امرأة أن توفي حقوقها الزوجية ورعاية ابنائها. كما أنها من الكد والجهد مالا تحقق معه لنفسها أنساً اجتماعياً وراحة، وسكينة.
ثالثاً:
يظهر جلياً من خلال رسالتك أنّ هناك ميلاً نفسياً وعاطفياً للشيخ، وهذا لا تعابين عليه، إذ هو أمر فطري يحسن أن يُجمّل بالزواج وبحياة اجتماعية تملأ حياتكم سعادة وطاعة وأنساً.
فلا تخسريه، وخاصة مع توفر الجانب الديني والأخلاقي لديه بمستوى متقدم، وفي الحديث عن ابي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ) الترمذي (1084)، وحسنه الألباني في "صحيح الترمذي.
ولأنّ خيارك الثاني مع تعلق قلبك بالإمام قد يسبب لك زعزعة وعدم استقرار نفسي وعاطفي، وهذا معروف ومجرب.
رابعاً:
اختيارك للشيخ الذي تعرفين أخلاقه وسمته، وتميل نفسك إليه، يمكن أن يكون معه حلول وسط في موضوع الدراسة، مثل تغيير التخصص بتخصص لا يُذهب عليك العمر، أو الدراسة عن بُعد، وهي متاحة؛ بل صارت عرفاً عالمياً بعد أزمة كورونا.
خامساً:
قبل هذا كله عليك بالاستخارة، وحسن اللجوء إلى الله في هذا الأمر، والإكثار من الدعاء بأن يختار الله لكِ الأفضل والأجمل، وما يحقق لكِ سعادة الدارين، ويكون سبباً لإقامة بيت مؤمن، وذرية صالحة ينفع الله بها المسلمين.
وينظر جواب السؤال (444682)
والله أعلم
تعليق