الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

ضائقة نفسية بسبب ممارسة العادة السرية.

444394

تاريخ النشر : 11-06-2023

المشاهدات : 3363

السؤال

أنا شاب عمري ١٧ عاما، قبل أسبوع مارست اول عادة سرية في حياتي بعد البلوغ، ومن ثم تبت، ومن حينها وأنا أتوب، وأرجع، وآخر مرة كانت اليوم، ومن حين عملتها اليوم تبت توبة صادقة، وقررت الابتعاد عن الهاتف والدراسة، لكن عندما بدأت بالدراسة أحس أن تركيزي قد قل جدا، حتى لا أستطيع أن أصمد دقيقة في الدراسة، وقد كنت ذكيا بحمد الله، والآن لا أفقه شيئا، فماذا أفعل لأعود مثلما كنت ذكيا، ويتقوى ايماني؟ وأضيف إلى ذلك أن نفسيتي مدمرة من هذه العادة السرية.

الجواب

الحمد لله.

أولًا:

من الواضح أنك تعلم حكم هذه العادة السيئة، لكن من باب التذكير نرجو مراجعة جواب السؤال رقم: (329)، وفي الجواب بعض الوسائل المساعدة على التخلص من هذه العادة.

ثانيًا:

لا شك أن للمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة والمضرة بالقلب والبدن والدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله، فمن ذلك:

1.    الوحشة التي يجدها العاصي في قلبه وبينه وبين الله.

2.    تعسير أموره عليه، فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقًا دونه، أو متعسرا عليه. كما أن من اتقى الله جعل الله له من أمره يسرًا.

3.    الظلمة التي يجدها في قلبه، قال إبراهيم بن أدهم: "إن للذنوب ضعفًا في القوة، وظلمة في القلب، وإن للحسنات قوة في البدن ونورًا في القلب" أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (6827).

4.    أن المعاصي تزرع أمثالها، ويولد بعضها بعضًا حتى يعز على العبد مفارقتها والخروج منها.

ولمراجعة بعض هذه الآثار يمكن مراجعة كتاب "الداء والدواء" لابن القيم رحمه الله، فقد ذكر فيه العشرات من هذه الآثار.

ثالثًا:

ليس المراد من تذكر العبد لهذه الآثار للذنوب أن يبلغ الأمر حد اليأس أو القنوط، فإن هذا المنتهى شر مما وقع فيه من الذنب ، وإنما ينتفع العبد بمشاهدة آثار المعاصي، وتذكر شؤمها وضررها على دينه ودنياه، إذا كان ذلك دافعا له إلى الفرار إلى الله جل جلاله، وهجران المعاصي، والتوبة منها ، رضى لرب العالمين، وخشية أن يحل به شؤمها، أو يصيبه شررها. قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ الشورى/25.

يقول الشيخ السعدي رحمه الله:

"هذا بيان لكمال كرم الله تعالى، وسعة جوده، وتمام لطفه؛ بقبول التوبة الصادرة من عباده حين يقلعون عن ذنوبهم ويندمون عليها، ويعزمون على أن لا يعاودوها، إذا قصدوا بذلك وجه ربهم، فإن الله يقبلها بعد ما انعقدت سببا للهلاك، ووقوع العقوبات الدنيوية والدينية.

وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ ويمحوها، ويمحو أثرها من العيوب، وما اقتضته من العقوبات، ويعود التائب عنده كريما، كأنه ما عمل سوءا قط، ويحبه ويوفقه لما يقربه إليه" انتهى، من "تيسير الكريم الرحمن" (ص783).

رابعًا:

ينبغي عليك، لتحافظ على نفسك، وتنجيها من ذلك البلاء : أن تجتهد في غض بصرك؛ فإنه ينير العقل والقلب والروح، وحافظ على أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم، وأكثر من ذكر الله واستغفاره، وليلهج لسانك دائما بـ: "لا حول ولا قوة إلا بالله" ؛ فإن الذكر يقوي القلب والعقل، ويحول دون تسلط الشيطان على الإنسان بالأفكار السلبية والظنون السيئة والهموم المعطلة.

وحافظ على نمط طعام صحي، وواظب على ممارسة الرياضة، وقسم فترات استذكارك لمدد لا تزيد عن ساعة، ثم استرح فترة كافية، ثم أكمل استذكارك، فلا تذاكر لمدد طويلة بلا راحة فهذا مظنة استغلاق الفهم.

ونحن نرجو لك أن تستعيد انتباهك وتركيزك بحيث لا تقع في هذه المعصية مرة أخرى، وإذا قدر الله وأخطأت، وزللت، فتب مرة أخرى، وابتعد عن الأسباب التي تيسر عمل هذه المعصية، وإياك أن تغفل باب التوبة والرجوع إلى الله تعالى في كل حين؛ فقد قال الله تعالى مرغبا عباده، حاثا لهم أن يعودوا إليه كلما أخطؤوا أو زلوا:

( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ) الشورى/25-26

ثم إياك أن تؤخر التوبة عن الذنب إلى وقت بعيد منها؛ فإنك لا تدري ما يكون حال قلبك في ذلك الزمان، ولا تدري متى يفجؤك الأجل؛ فعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ ). رواه الترمذي (1987)، وقال: "حديث حسن صحيح".

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب